Thursday, May 10, 2012

نخيل الروح


إنها تلك المسافة ما بين داخلك وداخلك، تلك التي تتحدّد فيها مساحة ظلِّك، ظلُّك هذا الذي يحملك، حين تخونك يدٌ جبلتَها بطين الوقت النابت على مجرى شرودٍ، نصفه يحمل اسمك ويعرف مقامه ومداه، والنصف الآخر يبحث بين فراشات النّمش التي ترسم خارطة جسدك على طيفٍ، كان في يوم ما يحمل لون ثغرك حين يبتسم.

إنها هذه الفسحة التي تحدّد قامة ظلّي الذي تطاول اليوم لامساً نخيل السماء.

هي نفسها المسافة التي قطعتُها لأبني بعرق أحلامي الطريّة، تلك التي تغريني بالترحال على متن أقدامها الموغلة في غيم الطفولة. وهذه الطفولة الطازجة في حضورها الآنيّ كلّما استوقفني ظلّي ليلوّح بكفّه الطرية وأنامله السّكرى بندىً مجبولٍ بزقزقات طيور الصفصافة النابتة في رمشي.

ها هو نفسه يعبق ويجنّ بالزهو أمام وجه الوقت هذا المساء.

هي نفسها هذه النفس تأتمر سُكنى السماء، لمقامٍ حلّ في أرضها صادقاً كضحكة طفلٍ هزّ عرش الإله. هي نفسها اليوم تكتب لنفسها لتعبّر عن غبطتها. حبرها اليوم لا يحمل لون الفراغ الذي عشّش بين أناملها طويلاً ماحياً اخضرار الحنان.

هي نفسكَ التي فاضت نبع كفِّها في كفّي وملأت نفسي بالأمان.


No comments: