Saturday, June 2, 2012

إلى الآتي الذي لن يأتي


مساء الخير صباح الخير. من أين يأتي الخير في زمنٍ لا لون فيه غيرُ الغيرْ؟
صباح الخير مساء الخير. من أين يأتي الخير في جسدٍ لا جسد فيه ذاهبٌ إلى الغد، وما من خطىً تسايره على فعل السَّيْرْ؟
طلع الصباح. من أين يُشرق الصباح في عيونٍ واهية، لا تعرف أنّ الرّوح هي الآمرة الناهية في قلبٍ عتمتُه له بالمرصاد عند الناصيةْ؟
مشى النهار. من أين تتدلّى الشمس، وقد أقفلت السماء بابها، وأوصدت مجيئها في وجه الإنتظار، ثمّ ألقت بالمفتاح في النسيان والذاكرةُ نار؟
سار الوقت في الدار. من أين ينسدل الستار على الخوفِ، والخوفُ معشِّشٌ في غرفة الجلوس وفستان الكنيسة وقميص النوم، والحلمُ حلماً خاف بدوره وطار؟
وقف النّهار على الشرفات. من أين يدور الدار، وعقارب ساعاته متوقّفة في طقس الإفتقار، إلى ساعةٍ في المعصم لا تفلح في الإرتفاع من معصمها إلى مسامع الهمسات؟
تربّص الليل. من أين يطلع الصوتُ، والصمتُ جَلوسٌ في حضرةِ الأجساد الحاضرة من سَفَرها في ممرّات بيتٍ، لم يعد يعرف طقوس تجاعيده دون صهيل الطفولة وأوجاع غرف الدّار وحنين الخَيْلْ؟
مساء الخير صباح الخير. يُنهي الليل دورته في عقرب الصباح. أنهى ونهى الصباح عن ارتقاء المساء.
صباح الخير مساء الخير. يُنهي الصباح عقربه في دورة الليل. أنهى ونهى المساء عن ارتقاب الصباح.

Thursday, May 31, 2012

أعدّي الصباح للقهوة


شهرزاد أفيقي من نومك! أفيقي واستفيقي، فما شهريار إلّا ذاتك الخاوية من نبضِ الحياة التي تُعليكِ نًسغاً للجذور، للبدايات ولكلّ النهايات؛ مهما اختلفت تقاطعات متاهاتها...

شهرزاد قومي!
شهرزاد عومي وامشِ على مياه البشر الذي يزيّن الإنسان فيكِ، فشهريارُ ملكٌ صُوَرِيٌّ يقتعد عرشاً لا يرويكِ.. لا، ولا يستهوي النبض الذي يعتريكِ. أنتِ الأبقى، فأعيدي إلى نفسكِ الحياةَ التي من شأنها أن تُحيي اللون واللحنَ الذي يُبقيكِ أرجوحةً للحلم، وأعيدي لروحكِ الصّمت المباح؛ فما الكلام سوى لغةَ المستباح والنواح...

شهرزاد صوني ما ببالكِ من صورٍ تتشكّل عطراً للألوان التي ما خُلقت إلّا لتُزيّن العمر الذي يعتلي جبينكِ العالي؛ أعلى من قمم الجبال حيث النسور تتخّذ لنفسها نفَساً، بيتاً، فضاءً وعشّاً حميميّ الفراخ...

شهرزاد! يا شهرزاد أفيقي ودعي النوم للنوم؛ فللصحوِ مقامٌ آخر يشبه ما فيكِ من علياءَ يوفيكِ حقّ الإنسان، الذي يشغل تفاصيل الجسد، الذي فيكِ ينغّم لحن الوجود المولود من رحمِ  خيالٍ لك وحدكِ يولد وينوجدُ.

شهرزادُ! كفّي عن إحياء ذكرى الطوفان ، فما عاد للدمع من موعدٍ بين ثنايا روزنامة الأنوثة التي ترتسم من خطوِكِ. شهريار؟ ما شهريارُ إلّا تجسّدٌ للخوف الذي يعتريكِ؛ فاخلعي ثوب المُستراح الذي لا يليق بألوهتك العامرةِ عُمراً، سنبلةً، شمساً وأمواجاً لا تأبى تكرار وجهها فوق عطش الرمال، فالعطش أبهى طقوس الحياء والحياة.

شهرزاد! أعدّي عدّة العمر وحضّري الصباح للقهوة، ها العمر يرتشفكِ الآن فاستعيدي أوراق العمر الثبوتيّة التي في بالك، ها الآن آنٌ يتسجّل في دفتر مواعيدكِ، فخطّي في سجلِّك ما يستحقُّ أن يتسجّلَ وتذكّري: أنتِ للحلم المفتاح. 

Tuesday, May 29, 2012

أنصِتْ


الكلام للحياة وما على الرسول إلّا البلاغ:
لا تحلم؛ دع الحياة تحلم فيك.
لا تقل يومي؛ للحياة توقيتٌ آخر.
لا تقل دمي؛ فالحياة مصدر هذا النبض.
لا تقل نبضي؛ فالحياة صلاة هذا العمر الذي يسري في عمرك.
لا تقل عمري؛ فالحياة صهيل هذه الروح التي تصلّي في جسدك.
لا تقل جسدي؛ فالحياة حدود هذه الترانيم التي تُنكّه سُكناك.
لا تقل سُكنايْ؛ فلست سوى إناء هذه الحياة التي تشي إنها مصدر هذا النّفَس.
لا تقل نَفَسي؛ فأنفاسك أمانةٌ في عنقك.
لا تقل عنقي؛ فليس هناك من مقصلة تهدّد وجودك.
لا تقل وجودي؛ فوجودك منبعُ هذا الكون.
لا تقل كَوْني؛ فأنتَ تكوّنت لأن الفرح قال كلمته فتكوّنتْ.