Sunday, December 1, 2019

حائط الوالد والولد



-أرقصوا على دقات ساعة الحائط
تحتفل بالوقت المائت
وأنا وساعة الحائط
نُجيد عزف الهطول
حيث مال المساء 
ثمّ مالت السماء
ونام الماء فوق يدي
-إضحك إضحك يا أبي 
ويخرس صوتي
أمام أرجل السرير 
الذي أتعبه الصمود
تعبُ الكلام العائد 
من مشارف عينيك
إلى الحائط الماثل في روحي
يبعث بأسراب العصافير
إلى دفاتر الأطفال
وأقلام رصاصهم الملوّنة
تتهكّم على أسطر الشفاه المحترقة
تحترف لغة البحر
والبحر بعيدُ الزُّرقةِ غريبُها
لا يعرف ما لون الأسماء
ولا عهد الآباء وعُهودهم
يُمعن في زقزقات شروده
تُكسّر غصون الصفصاف 
على درب القلب
المنحني على قدم أبي
حيث الزمان إلهٌ تعمّد 
في أخضر الغابات المبتعدة
داخل عينيه
المتكابرة على الجراح

وأنا وأنت يا حبيبي الغريب
في البلاد الغريبة
على قدم والدك نمشي
ها أطفالنا على كرسيّ البيانو
يُمطر الكلام
مزيداً من الملام
نمشي ويعلو صوت والدك 
والدك بصوته المتراكم
فوق كفّيك لا يكفّ يُحدّثك
ماذا عساه يقول؟
ساعة الحائط تُجيد لغة الأموات 
تترجم أحرف أحاديثه الفائتة
تُغنّيها على مدار الصوت
حبالاً حبالاً يسيرة
أعْيَتْها المسيرة
وأنا أعْيَتْني أصوات المارّة
في هدير صوتك
يزدحم بالنساء 
بجثث الجلود المسلوخة عن حقيقتها 
تعرّي فيك الأمان 
إلى زندك المبتور
يلتقط كأس الشراب
يفرّع فيه هذيانه
ويُمعن في ابتكار هذياني
إلى وعدٍ قطعه فقاطعني...
-إشرب إشرب بعد
هكذا يعلن صوت والدك
وتمضي الساعة في دقاتها
ويمضي الحائط الموهن 
حاملاً نفسه على الصمود 
يحثّ جسد الليل على المضيّ
في الثبات علّ العقارب تسنده
ويمضي صوت والدك في الغناء
غافلاً عن الحياة 
ممعناً في موته موتاً 
يصبغ أصابعك تحنّط وجهي
كلّ مساء على طرقات الغياب......


Wednesday, November 13, 2019

نبكيك علاء أبو فخر يا علاء لبنان وفخرنا


علاء أبو فخر! كلّ شيء باسمك يشي ببطولتك، بوطنيّتك وباستعلائك على موتك!
علاء أبو فخر، افتح عينيك الجميلتين قليلاً لترى كيف يبكيك الرؤساء الثلاثة 
ويعتذرون منك! 
افتحهما لترى تأثرهم وندمهم واعتذاراتهم!

علاء يا فخر الوطن!
لا تصدّق بأنّه لم يرفّ لهم جفن على مرأى إردائك صريعاً أمام رفيقة دربك وأمام 
طفلك الصغير! 
لا فقد اعتذروا وها هم يبكون أفئدتهم لوعةً على خسارتك!
علاء يا فخر الوطن الذي يقتل أبناءه فقط لأنهم تكلّموا في زمن الخنوع الأخرس!
فخرُعلائك يا أبا الطفل الذي سيتطبّع بمشهد والده يسقط بركاناً من ألوهية اغتيلت 
أمام عينيه!

علاء يا فخري! لا تصدّق بأن المرجعيات الطائفية بأكملها لم تستنكر اغتيالك بهذا الكمّ من العُهر 
الذي غلّف جريمة اغتيالك ! 
لا لا تصدّق بأنهم لن يُسقطوا كلّ الطبقة الحاكمة التي فشلت في إبقائك راعياً 
لعائلتك، وابناً يفتخر الأرز بعلائه!
لا تصدّق بأنهم سينسونك غداً ويُكملون طراز حياتهم وطقوسهم اليومية الإعتيادية! 
لا تصدّق بأنّ موتك وموتنا رخيصٌ ككيس سكّر!

علاء يا أخي!
لا تصدّق ما يُشاع عن استهتارهم لا! 
ها هم يتسابقون للإعتذار عن موتك في الشارع الذي ما استطاعوا عبوره إلّا وهم 
محاطون برجالات عصاباتهم خوفاً من صوتك! 
أجل هو صوتك من زلزل قبورهم العفنة! هم الأموات وأنت الحيّ. 
هم الأموات وأنت الحيّ!

علاء يا حبيبي، نم مطمئنّاً فالوطن كلّ الوطن سقط حزناً على دمائك. 
تم يا علاء في العُلى فقد أصبح الوطن جميل اللون، أحمره أرجوان التاريخ الذي 
سيكتبك بالطهر!

نم فالرؤساء يلثمون جثمانك الطاهر الذي اختصر حكايا المجد بأكملها. أنظر كيف 
شيّعوا دماءك الطاهرة في قصورهم! 
ها برّي الذي لا يجوّي قد دشّن شوارع  العاصمة باسمك! 
ها سعدُ الأشواك قد تبنّى أطفالك وتعهّد بأبوّته لهم مدى الحياة! 
ها عون يُعينُ زوجتك الثكلى ويحتضنها بعد أن صعقها انهيارك أمامها! 
ها سيّدات الرؤساء تَنُحْنَ مع والدتك لأنهنّ كمثلها، بعثنَ بفلذات أكبادهنّ 
ليثوروا على الحرمان والفقر والذلّ!

نحن الأموات وأنت الحيّ!
سامحنا.


Tuesday, November 5, 2019

أتطنّون الجوع في البطون فقط؟




أقفلناها الشوارع لأنكم قلتم علانيةً: أغفلناها صرختكم! سنقفلها بعدُ أكثر لأنكم لا تزالون تسمّونها حراك! حرّك الله أفئدتكم المتحجّرة! سنبقى في الشارع.

في الشارع سنبقى وما الفرق، فبيوتنا بوجودكم باتت كالشوارع، لا طعام في مطابخها، لا كتب على رفوفها، لا دفىء في أسرّتها، لا عائلةً مجتمعةً تحت سقوفها ولا لون لأيامها!

أقفلتُم طرقات الأسفلت وفتحتم طرقات النفايات تملأ أنفاسنا سمّاً! لماذا إذاً استفزّكم منظر الطرقات المقفلة بشعبٍ يطالب باسترجاع كرامة أحلامه الإنسانية الأدنى!!؟ هذه الطرقات نفسها هي التي تقفلونها كلّ صباح عند مرور مواكبهم؛ فهل باتت الطرقات العامة من ضمن ملكيّاتكم الخاصة؟ نحن على علم بالمشاعات الحكومية التي سجّلتموها بأسمائكم على أنها أملاك خاصة. معكم حقّ! فنحن من أورثناكم عهوداً من الحكم على رقابنا، فاستملكتمونا حجراً وبشرا! فاتَكُم أننا بشر، لكن لم يَفُتْكُمْ أن تمسحونا بأسمائكم "جماعة فلان وحاشيته"، وقسّمتمونا مللاً وطوئف وأحزاب مفرغة من محتواها الإنسانيّ.

بيوتنا باتت شوارع لأنها لم تعد تندرج تحت خانة البيوت منذ باتت الضرائب تتراكم على ساكنيها الذين يدفعون فاتورتين اثنتين للكهرباء العليلة التي لم تعد تُنير سوى ذلّنا الذي فاتكم أن تضعوا له العدّادات! لكن لم يفُتكم افتراس كرامة جيوبنا!

طعامنا مُسرطن بمنظومته الكاملة، فأجهزة رقابتكم تماماً كضمائركم: مستورة مكفوفة عليلة كاذبة ومُرتشية! أنفضح صفقات القمح واللحوم والمعلّبات الفاسدة، أم الريّ بمياه المجارير، أم السموم التي يرشّها المزارع البسيط الذي بغياب وزارة الزراعة ومعايير السلامة التي يجب أن تطبّقها، ربّما بعفوّيته يظنّ أنّ تلك السموم ذات فائدة ويغفل عن أنّه يُطعم أبناءه منتوجات صفقات سمومكم التي غفل الجسم الصحافيّ عن فضحها! فاتكُم أنّكم بشر، لكن لم يفتكُم افتراس كرامة لقمتنا!

كُتُبُ أولادنا المدرسية بمئة لونٍ لا ثقافة وطنيّة بين صفحاتها! مضمونها الوحيد أوراق نقدية يرزح الأهل لثقل حملها ويَستحيل تصنيفها. فلو جمعناها، لفاق عدد أوراق الصفحات في حقائبهم المثقلة بالحشو. ناهيك عن كتب تاريخنا المُشَرذمة بتشرذُم أبناء هذا الوطن: فالبطل الممجّد عند فئة من اللبنانيين، هو عميلٌ مجرم عند الفئة الأخرى! أمّا عن الرفاهية الفكرية، فلم يعد لدينا من وقتٍ للاستمتاع بها، لأننا شعبٌ محكومٌ عليه التمسمُر على شاشات التلفزة لقراءة المستجدّات اليومية في هذا البلد المستجدّ. نحن يُتماء الثقافة خصوصاً وأننا نحن الفقراء، لم يعد لدينا فسحة لشراء كتاب، فلم يعد لدينا موارد حتى لتسديد لائحة الفواتير المعيشيّة الضرورية! فاتكم أن تكونوا مواطنين، لكن لم يفتكُم افتراس كرامة هويّتنا الوطنيّة!

ليلُ أسرّتنا طويلٌ وبارد بعد نهارات العمل الطويل التي لم تعد مهاراتنا فيه متوازية مع مقدّراتنا. نرمي بأجسادنا بين الأغطية مستسلمين للأحلام علّها تُعطينا "تشريجةً" ولو قليلة، تكفينا أعباء اليوم التالي، التي حملناها قبل أن تشرق الشمس. ليلُنا مُفرغٌ من الدافىء من المعاني: فحتى الحب يضمحلّ ويتقوقع أمام الإستحقاقات الماديّة التي نشعر أمامها بالعجز والصِّغَر. أرأيتم يوماً تقاسيم وجه أمٍ أو أبٍ حين يطلب طفلهما أمراً لا طائل لهما عليه؟؟ أسمعتم كيف يتكسّر قلبهما كسَراً أكثر هشاشة من تحطّم الزجاج؟ بالطبع لا، فأنتم يا أقزام السياسة، لكم اقتدار غول ماديّ، فما تتنعّمون به قد نهبتموه من حضراتنا، فخامة الشعب اللبناني بأكمله! لم يفُتكم افتراس سنوات عمرنا!

أما عن العائلة، فقد بتنا عائلات كرتونيّة! أمهاتنا تقبّلن الصور ليلاً نهاراً فقط. أمهاتنا ربّت أولادهنَّ وصدّرتهنَّ إلى الغربة! الأم اللبنانية أمّ يتيمة في أمومتها! غريبٌ كيف لم يتناهى إلى بال السياسيين أن يضعوا رسماً مالياً على هجرة إخوتنا، كلٌّ بحسب بُعد البلاد التي هاجر إليها هرباً من نير العوز والجوع!! الجوع الماديّ والفكريّ والثقافيّ والإجتماعيّ. تظنون الجوع في البطون فقط؟ لا يا أشباه الرجال، لا يا مصّاصي الأرواح. الجوع الأشقى هو الكرامة الإنسانية. ما الفرق بينكم وبين محارق أوشفيتس؟ خيرة الشباب والصبايا مجبورة أن تصدّر أعمارها وقوداً حيّاً خارج البلاد، فلا يبقى في الوطن سوى مَن اغتصبتم كرامتهم الإنسانية ورفعتم حرارة أفران حرمانهم من أبسط الحقوق المدنيّة، والإنتقاص من حقوقهم في كرامة التعليم والإستشفاء والمواصلات. حتى الأدوية مزوّرة في لبنان! هل أسوأ من هذا الجور جوراً؟؟؟؟

فاتكم أنّ لدينا حياةً واحدة، لكن لم يفتكم أن تفتكوا بها.
نحن شعبٌ جائعٌ لوطن.
نحن شعبٌ جائع لحياة.
نحن شعبٌ جائع لكرامته الإنسانية المسلوبة.




Tuesday, October 29, 2019

الوطن الرهينة والجيل المسروق

أنا مواطنة لبنانية وابنة البلد. لا أطلب الكثير وليست لدي أحلام كبيرة! فأنا من الجيل المسروق. أنا من أولئك الذين لا يدرون ماذا يضعون على لائحة أحلامهم! فقد أتينا إلى العالم بينما عيون أهالينا مسمّرة إلى شاشات التلفزة، تلاحق لحم إخوتي المتطاير أشلاءً تلوّن السماء باللون الأحمر! أنا من جيل الألغام والتفجيرات كطبقٍ متوقّع على لائحة البؤس اليوميّ. لم أعرف في حياتي سوى لونيّ الأحمر والأسود. أحمر العَلَم، أحمر الدماء، أحمر العيون الباكية، أحمر الوجنات التي تلطم فقدان أبٍ وابنٍ وأخٍ وجارٍ وابن عمّ وصديق وطفلةٍ ولدت للتوّ سليمةً وطاهرةً وجميلةً لكنها قُتلت في طريقها إلى البيت مع الوالدين قبل أن يستقبلها الجدّ والجدّة، بالورود والشوكولا. وتروح الورود تحترق جفافاً في يد الجدّة الملتاعة التي تحمل نفسها على الوقوف فقط لتكذّب ما حصل. لتكذّب بشاعة القذيفة وحقيقتها وحقيقة موت ابنها وكنّتها وحفيدتها التي لم ترى لون عينيها ولا زهر يديها. أنا من هذا الجيل الذي تشرّب روح الكبار ونظرتهم للشوكولا على أنه لعنة، فهو يفضح فرح الإحتفال في وطنٍ لم يكن هناك من مساحة لفرح الإحتفال من أيّ نوع. فهناك وبشكل أسبوعيّ على الأقلّ، نعشٌ في الحيّ، والبناية، ولائحة انتظار طويلة في صالونات الكنائس. كان الأسود هو اللون الموحّد كما لو أنه كان لزاماً على نساء بلادي أن يلبسن الأسود كعُرفٍ وطنيّ. كنت أظنّ بأنه نوع من العادات الإجتماعية البديهيّة. أن تبدّل الفتاة ثياب لعب البيت بيوت إلى اللون الأسود في مجتمعنا، حالما يتكوّز نهداها وتبقى في ثقب الأحزان الأسود هذا، إلى تذهب بدورها إلى مثواها الأخير.

لقد كان الموت هو الحاضر الأكبر لدرجة أن الأعراس كانت تتمّ كلها على شكل "خطيفة" ، وكانت أيضاً على وزن خطيئة! فمن الخطيئة أن تتنعّم بطعم الحب بينما ابن عمّك أو صديقك لا زال ساخناً في نعشه. أجل! ومجتمعنا صغير والجميع يعرف الجميع والألفة ووحدة المصير تقرّب الناس وتجمعها أكثر فأكثر. كان الوجع أكبر من أن يتمّ تقاسمه بين أفراد العائلة الواحدة، فأي مأتمٍ في القرية أو المدينة هو مأتم كلّ القرية وكلّ المدينة، والجميع أهل الصبي. والدمع قليلٌ على فلذات الأكباد....

أنا من الجيل المسروق الذي لم تسنح له الأيام باختبار الحياة لا كأطفال ولا كمراهقين. وكبرنا دون أن نعلم كيف يكبر المرء والطفل بداخله لم يعش تجربة اللعب. لقد كبر من كثرة الأوجاع والهموم، وروّعته شهقات البكاء والعويل، وأصوات النحيب، وجوقات النوبة والندّابين. يا إلهي كم تسكنني تلك المشاهد وكم يؤرقني أن يكون البعض قد خانته ذاكرته ومحى اليوم ما عايشناه من حرب كانت محورية ووجودية ومروّعة بكل ما للمفهوم من معنى! نحن شعبٌ صغيرٌ درّبونا كما يدرّبوا الكلاب لتقتل بعضها في حلبة الصراع. حقنونا سمّاً ووضعونا في ساحات الوطن نقتل بعضنا. الأخ ضدّ أخاه. ابن العم وابن الخال يقتتلان خلف المتاريس. يا إلهي كم كان عدد المتاريس كبيراً، ومَن يتلطّون وراءها كانوا أطفالاً صغارا، أوهموهم بأن الرجولة تبدأ الآن وعليك باصطياد أكبر عددٍ ممكن من هؤلاء الآخرين. كان أولئك الآخرون أحبّة وأصدقاء وأبناء وطن صغير واحد. لكنّ الوطن الصغير الواحد بات له عدّة زعماءٍ، أعدّوا الكثير من الذخائر وأعلنوا ساعة الصفر وأطلقوا عليها تسمية القضيّة. أجل. عليك أن تقتل الآخر في المتراس المقابل لك. أقتله لأجل القضية. المشهد نفسه تكرّر في كلّ الضواحي والربوع اللبنانية. وغاب عن بال الزعيم أنّ ابن الضاحية الأخرى، هو أيضاً من نبضٍ ومن لحمٍ ومن دمٍ! وله أمّ وأب نذرا السماء كي يولد لهما ابناً. وبلحظة، أتت القذيفة وعمّدته بالدماء.

وحين كان آباؤنا في المتاريس، كنّا وأمهاتنا تحت رحمة متاريس الدرس على ضوء لوكس الكاز في المطبخ، ولوكس الغاز في الصالون. كانت الكهرباء شبحاً نسمع به، وكانت الساعات تتراكض مسرعةً كي ننهي ما علينا لأنّ لوكسيّ الكاز والغاز يمدّانك بوقت محدّد من الإنارة، قبل أن تذبل شبكة النار فيه وتتهاوى كأمطار بركانٍ تعب من ثَوَرانه. ونثور على من كان دوره فينا اليوم لتبديل شبكة النار فيه، والويل لمن نسي أن يشتري مخزوناً كافياً! وكان هناك سوق سوداء لهذه الشبكات الصغيرة التي تنيرعتم بيوتنا بغياب الكهرباء، طويلاً قبل أن تشرق لعنة مولدات الكهرباء. كنّا جميعاً "ننشوي" في مظاهر الحرب التي رافقتنا حتى كبرنا. وحين كبرنا انتبهنا بأننا لا نعرف هذا الوطن الصغير إلا من خلال المتراس الذي عشنا بداخله.
(يتبع)

Saturday, September 28, 2019

وجعك يا بيّي أصعب عذاب


أصعب عذاب
لما تشوف ال بتحبّهم عم يتعذبوا حدّك
ومش قادر تاخوذ عنّهم أوجاعهم..
بتحس إنّو روحك عم تنجلد
وإنو عقارب الدنيي كلّها عم تشلّع جلدك..
وشو صعب يا ربّي يكون هالشخص بيّكسبب وجودك بها الحياة،
عم يتألم وإنت مش قادر تعمل شي!!!
عاجز بتوقف قدام الوجع
قدام الدمعة العم تخنقك وما بدك تبكيها قدامو 
وبتصير تكويك إنت وعم تجرّب تدوّبها بصوتك 
العم يرجف متل ورقة بريح كانون..

وبتوقف عالباب،
تخبّي دموعك لما تشوفهم عيون الأحباب، 
بتتمنّى ياخذك شي غياب،
أو تصرّخ بوجّ العمركذّاب إنت كذّاب!
هالقهر كلّو ما كان بالحساب، 
ولا قرينا متلو بكتاب،
إلّا سفر أيوب وبيذهلك بإعجاب!
احتلّو المرض بعمر الشباب،
هالبيّ الما عاد في لجسمو ثياب،
ومتبسّم رغم كتر المصاب
روح جبّارة ما صابا اكتئاب.

وشو تسكّر بقلبي يا بيّي بواب،
عا عمر قاسي بيطيّر عقل وصواب،
عايش بغربة المرض وبالغربة قلال الحباب!
جبّار بسريرك مارد من قداسة واهتياب.

عم يكبر بقلبي الصمت ووهن السراب
قالوا يوم إلك ويوم عليك؛ يعني دولاب..
لكن طلع ما في عدالة بالدني ولا في ثواب
من كتر الوجع صارت إرهاب
فيها العذاب كبير وللعذاب ما في جواب...

Wednesday, August 21, 2019

ملؤ الصفحات صفعات


لسنا جميعاً صفحاتٍ بيضاء؛ نحن مجموعة ما بقي بعد صفعات الأيام، وبقايا ممّا كنّا 
نظنّه أنفسنا. أكثرنا مكسور الأنصاف، أو مبتور الأحلام..... أكثرنا صفحاتٌ ملؤها 
أسطر لا يُفهم الكثير من محتواها لكثرة ما أمطرت الدمعات فوق الأحرف، نقاطاً، 
وحدها كان له الحصّة الأكبر فوق صفحات أيامنا، كما فوق صفحات وجناتنا.....

لذا، تذكّر، حين تدخل صفحة شخصٍ ما، أنه على غرارك، قد تحمّل العديد من 
الصفعات ولا يزال لديه عددٌ من الصفحات؛ فاجعل من قلمك حبراً  يُدخل الدّافىء من 
المعاني بين الأسطر. والأهمّ أن تتذكّر أنه لا يحقّ لك الكتابة على صفحات حياة الآخرين، بل أنيتماشى سلّم قِيَمك مع منظومة قِيَم الآخر، كي لا تخمش زجاج العاطفة. 
فللعاطفة كرامةٌ لها الشأن الأعلى في قمم الكيان. 

Sunday, June 9, 2019

حدّ العمر سواءْ


ما أعطيناه القلبُ مكانا،
كانت الليالي أثقل من أن يحملها حبل الأمان
وعواطف هوجاء كعواصف الشتاء،
تمزّق فساتين الأفراح المنتظرة تحت عناق الغضب
..
عودي!عودي يا فتاتي إلى مكانك
فالوجوه الأخرى كلّها سواءْ
واعذري من لكِ أساءْ
فالناس يسكنها الهباءْ..
لاتحزني على ما فات
لاتحزني فالعمركلّه فات..

Friday, May 3, 2019

شو بحب حِبَّك


شو بحبّ حِبَّك متل الغيم
لِم ينزل بالسما تلوين
أبيض أبيض جناحاتو حلوين
ماسك بقلبو الشتي
وناطر وجّك يطلّ ليغمرو
ويفرشلو  السما دقات القلب 
والعوا عم يعزف وراقو الريح
بغصونو معشّشة رنّات الذهب
وتلوّح فراشات الزهر بإديك الممدودين
عاحلم بيشبه دفا عينيك
البيخاف منّا البرد
وبيسأل عنها الورد...
قلّها قلّها بعد
عن شتي ما فيه رعد
عن عمر غالي فيه الوعد
قلّها قلّها بعد
صوتك بقلبها بيسكُب سَعد.

شو بحبّ حبَّك متل الغيم
ضايع بحالو ومكتفي
أرضو كلّ الدني
وبعبّو فصول السني 
والسنة ورقة بغصن الضجر
والقمر ناطر يتفيّا بقلب الشجر
ناطر يصير متلك بشر
ليعشقك ويحنّ لجنونو الحجر
هيدي حكاية حب الأرض للقمر
حكاية المستحيل الما إلو مطرح بالدني
لكن رافض للحقيقة المرة ينحني.

Wednesday, January 23, 2019

قهّار يا موت


يا موت يا قهّار!
شو مسلّطك عالولاد الزّغار؟؟
ما عادْ تِشْبْعَكْ موتة الختيار!؟
لَصِرت تنقّيهون طفال بلا أعمار،
طرايا متل زهور الجلّنار..
بَعدْهُنْ بالفعل وبالنوايا أطهار
بحياتْهُنْ بعد ما ابتدى المشوار !
موتْهُنْ بيطعن قلوب الأهل بسيف نار،
وما بيتركلهُن من الحياة إلّا قهر وشحّار

يا موت يا قهّار!
شو مسلّطك عالولاد الزّغار؟؟
صاير وحش عم ياكول ليل نهار
بعلمي بتنطر هالجسم لَيِنهار
لَتِنْهَشْ عمر وذكريات كتار؛
لكن شو ذنبهُنْ طفال ما عِنْدْهُنْ بَعدْ اسرار،
ولا لحقوا يدوقوا طعم العمر أو معنى القرار!
بعدها صورة الأول قربانة هيّي صَدْرْ الدار
سْرَقتهُنْ من صور الحب والرقص بلا أعذار!!!!

شو ذنب الأم تذبحها بخبار
ناطرة إبنا يحيكلها شو صار!
ما لِحْقِت داقت طعم الأمومة والأنوار،
إلا وطعنتها بعمر الحلم يا غدّار!
وتركتها بصمت الصلاة مقطوش الحوار:
ربّ السما اللي عطاها يَتَّما! شو هالإنفجار!؟!

حيّرت الدني يا موت ووحدك ما بتحتار
والهيئة وحدك إنت عم تعرف تختار!!!!!