Sunday, December 1, 2019

حائط الوالد والولد



-أرقصوا على دقات ساعة الحائط
تحتفل بالوقت المائت
وأنا وساعة الحائط
نُجيد عزف الهطول
حيث مال المساء 
ثمّ مالت السماء
ونام الماء فوق يدي
-إضحك إضحك يا أبي 
ويخرس صوتي
أمام أرجل السرير 
الذي أتعبه الصمود
تعبُ الكلام العائد 
من مشارف عينيك
إلى الحائط الماثل في روحي
يبعث بأسراب العصافير
إلى دفاتر الأطفال
وأقلام رصاصهم الملوّنة
تتهكّم على أسطر الشفاه المحترقة
تحترف لغة البحر
والبحر بعيدُ الزُّرقةِ غريبُها
لا يعرف ما لون الأسماء
ولا عهد الآباء وعُهودهم
يُمعن في زقزقات شروده
تُكسّر غصون الصفصاف 
على درب القلب
المنحني على قدم أبي
حيث الزمان إلهٌ تعمّد 
في أخضر الغابات المبتعدة
داخل عينيه
المتكابرة على الجراح

وأنا وأنت يا حبيبي الغريب
في البلاد الغريبة
على قدم والدك نمشي
ها أطفالنا على كرسيّ البيانو
يُمطر الكلام
مزيداً من الملام
نمشي ويعلو صوت والدك 
والدك بصوته المتراكم
فوق كفّيك لا يكفّ يُحدّثك
ماذا عساه يقول؟
ساعة الحائط تُجيد لغة الأموات 
تترجم أحرف أحاديثه الفائتة
تُغنّيها على مدار الصوت
حبالاً حبالاً يسيرة
أعْيَتْها المسيرة
وأنا أعْيَتْني أصوات المارّة
في هدير صوتك
يزدحم بالنساء 
بجثث الجلود المسلوخة عن حقيقتها 
تعرّي فيك الأمان 
إلى زندك المبتور
يلتقط كأس الشراب
يفرّع فيه هذيانه
ويُمعن في ابتكار هذياني
إلى وعدٍ قطعه فقاطعني...
-إشرب إشرب بعد
هكذا يعلن صوت والدك
وتمضي الساعة في دقاتها
ويمضي الحائط الموهن 
حاملاً نفسه على الصمود 
يحثّ جسد الليل على المضيّ
في الثبات علّ العقارب تسنده
ويمضي صوت والدك في الغناء
غافلاً عن الحياة 
ممعناً في موته موتاً 
يصبغ أصابعك تحنّط وجهي
كلّ مساء على طرقات الغياب......