Friday, February 28, 2020

اللوحة الخرساء


أين سنذهب يا أبي
والعمر ظلام 
والقديسين نيام
ونحن صغارٌ في العراء!

أين يا أبي نذهب؟
والذهابُ ذهَبٌ مَصاغه 
على عنق ناقةٍ تائهةٍ في الصحراء،
بين ذهب الرمال وذهب الأعناق،
عناقٌ من ضياعٍ ومن سراب..
والساعات نيرٌ ونارٌ يا أبي!
يا أبي كم ستجتاحنا بعدُ هذه الرمال
تتحرّك وأضلعنا في غَرَقها تتكسّر
على عتاب وقتٍ أضاع توقيته!

أين سنذهب يا أبي؟
ونوح الأسطورة ما زال ينتظر الحمامة
وعود الزيتون ووعود الله،
فكيف يا أبي نقطع بحر الغرق
ونحن محاطون بيمٍّ من الأرق؟
لا حلم يأخذنا على وسادته 
ولا جناحٌ يطير فوق يدي
تلوح على أبيض اللوحة
أرسم عليها شكل ظلٍّ
عساه ينبض من جمادٍ ويُظلِّلُني
حتى لو كان عليَّ أن أخترعه،
أن أفترض لنفسي أسباباً واهية للبقاء
والبقاء رهنُ نقاء
ما عاد له بابٌ على حيّنا،
فالناس في زحام ضياعهم يتدافعون
وذرات الأوكسيجين تخون رئتيها مع الدواخين
والسماء لا تدثّر مَن بهم مَلَلُ،
فتقفل وجه أزرقها وتُخرس حرّاسها،
يقبضون على حبّات المطر،
حبّةً حبّةً،
يجفّفونها داخل حلقي كلّ مساء
وحتى نهوض الأضواء،
حيث تنسدل الستارة
ويغلب القناع بابتسامته الساخرة،
يغمر قسماتي المتعبة
أعبر يوماً آخر 
أنا وأبي والأوجاع
ثلاثة عابرين جياع...
أين ستأخذني اليوم يا أبي؟؟؟