Monday, September 16, 2013

على هامش الإدمان

وأتساءل! ما الذي يجعل غالبية الناس تتوجه إلى قهوتها الصباحية أوّلاً؟
حقاً. ما الذي يجعل القهوة الساخنة أوّل حاجة بل ورغبة تجتاح اللحظات الصباحية الأولى؟
بعيداً عن العادة نتساءل؛ لأنّ عاداتنا اليومية تصبح جزءاً من شخصيّتنا، كذلك جرعة القهوة اليوميّة.
بعيداً عن الحاجة نتساءل؛ لأنّ مكوّنات القهوة تشكّل نوعاً من الإدمان، كذلك جرعة القهوة اليوميّة المعتاد عليها.
بعيداً عن اللذة نتساءل؛ لأنّ الطعم يولّد اللذة فتصبح اللذة رغبة وهكذا دواليك، كذلك جرعة القهوة اليومية التي يطلبها هذا الجسد.

تساءلت قبلاً وأتساءل الآن؛ فعلاً، ما الذي يجعل من مشروب ضاربِ المرارة في طعمه حدّاً لا يُحتمل، أن يصبح المشروب العالميّ الأوّل، بضرورته الملحّة تماماً كالماء، والذي يجعل الناس - تبع مشاهداتي لهم- في حالة اغتياظ وهياج لا تحتمل: تثور ثائرتهم غضباً إن هم لم يشربوها، وتثور ثائرتهم هياجاً إن هم شربوها!!
ويعزون الأمر إلى ضرورتها لمساعدتهم على القيام بمشاغلهم الكثيرة!! رغم أنّ هناك عصائر كثيرة، طبيعيّة، تأتي بخصائص منبّهة أكثر من القهوة.
أفي الأمر ما هو أبعد من ذلك؟
أفي الأمر ما هو أعمق ممّا يجري في الظاهر؟
أهو الجسد فعلاً من يطلب جرعة الكافيين تلك وحده؟
أوليست ربما هذه الجرعة الصباحية اليوميّة والأهمّ في نهاراتنا، حاجة نفسيّة؟
وأتساءل: أهي القهوة فعلاً ومكوّناتها أم هي حرارتها التي تحمل الأجوبة على هذا الإدمان المرّ واللذيذ بالنسبة لمحبّيه؟
حُكماً إنّ القهوة الصباحيّة على أنواعها ساخنة، ولربما باتت حاجة لأنّها بحرارتها تُشعر الشارب بالدفء الروحيّ. أجل. يعيش إنسان اليوم في غربةٍ عن نفسه، وعزلةٍ عن الآخر حتى لو كان هذا الآخر يتشارك معه نفس الجدران والسقف ذاته، وهنا تأتي القهوة (أو الشاي) لتكسر بدفئها صقيع القلوب الوحيدة، سواء كان الشارب يسكن وحده أم مع أشخاصٍ آخرين، فإنه يطلب الدفىء، مع العلم أنّ بداخل كلٍّ منّا طاقة تكفي لإنارة العالم بأكمله.

نلوذ إلى دفىء المنبّهات التي تبعث في الجسد قشعريرة تذكّرنا بأنّنا أحياء، مع أنّ الحياة التي بداخلنا تكفي لتدفئة القطبين المتجمّدين.