Wednesday, December 9, 2020

زغير السرير والقدّيس كبير

 صاروا يا بيّي شهر!

إيام غيابك حْسَبْتُنْ دَهْرْ

وزِدتُنْ عا عمرك هال راح مِنَّك قَهْرْ

بِسريرْ  كنت فيه كبير، رغم وجودَك بالحَجْرْ!

زغير كان السرير وِبْسِرّو أقسى من الصَخْرْ..


انحنى لأَلَمَكْ قَلَمي، تْكَسَّرْ هُوّْ والسَّطْرْ..

وكَسَّرْ بِدَمّي قَفيرْ النَّحْلْ وبَلَّشْ حَفْرْ

أوجاعك، التَرْكِتْ لقلبي يِكْوي الجَمْرْ

وأنا، تْرَكْتْ لْدَمعي يزيد ملح البحر..


بيّيي يا مسافر وبعينيك لون النَهْرْ

الأزرق محيَّر الأخضر متل السِحْرْ

ونظراتك الفيها سما وفيها نِسْرْ

وفيها كتير حلوة مروج الزهر..


شهر يا بيّي وإسمك بَخّور وطُّهْرْ

شارق بقلبي متل شمس الضُّهْرْ

مسابح صلاة محضونة بْزِنْدَكْ غُمْرْ

بعرف يا بيّي الزَّعَل عالقدّيسين كُفْرْ

وحياتك، وحياة العطاني ياك بيّ العُمر

وحياة إسمَك المحمول بشراييني الحُمْرْ

رح سَلّمَك لبيّ السما وإتْرُك لمشيئتُه الأمْرْ.





Sunday, November 29, 2020

بك وحدك رابي أنا أستزيد


 أتى العيدُ،

لكنك يا فرح بعيدُ!


هل مَن يُجيدُ؟

نسج وجهه الفقيدُ؟

أو اختراع ابتسامةٍ تزيدُ؟

على النبض نبضٌ مديدُ؟

أتيتَ يا عيد والقلب جليدُ

والعيش ما عاد رغيدُ!


هل مَن يُريدُ؟

التحليق والجناحُ به شريدُ؟

والسماء قطفت بنا العناقيدُ،

وأسلمتْ للغياب شراعها شهيدُ!


وحده الوقت جديدُ،

في عمرٍ لا يُعيدُ

للعمر سحره المجيدُ!


ها قلبي الوحيدُ

اجعلني رابّي بك وحدك أستزيدُ.

Friday, November 20, 2020

أبي الأبيّ، أبي البهيّ، أبي الإلهيّ

لماذا نرفع أنظارنا نحو السماء حين نشتاق لغائبٍ، وليس إلى أيدينا الفارغة من لمس وجهه؟ 


يا وجه أبي، يا وجعي..

يا وجه أبي يا سماءً نورانيّة بهيّة! يا من كنتَ السماء الأجمل بينما أنت على هذه الأرض؛ أين أنت الآن أبي؟ لعلّك تلوِّن سماءً أخرى بروعة حضورك وقدسيّته! أجل. لعلّك توسّع سطح السماء لكي تتسّع لجحيم هذه الأرض! 


أشتاقك أبي أشتاق حضورك أشتاق نظرتك أشتاق دفىء وجهك يغطيني بالدفىء وأشتاق أشتاق كلّ الأشياء التي ما عاد لها نفس الهوية من دونك، حتى وجهي بات بعيداً في غيابك، غيابك الذي يجتاحني ليغيّر المعادلة والمقاييس... أشتاقك بكلّ المعايير! أشتاقُ أبوّتك الإلهية خلال سنوات صحّتك، وأشتاق بنوّتك الطاهرة خلال سنوات مرضك. أشتاقك بازدواجية طفلة تحتاجك كوالد حتى لو مشى بها العمر ثلجاً في خصلات شعرها، وأشتاقك بازدواجية والدة رعتك في يوميّات مرضك الذي أرجعك طفلاً طاهراً بريئاً وجميلا في حضن ابنته التي تكابرت على جراحك وجراحها لتُلبّي خصوصية حالتك النادرة... وأحبك في كلّ حالاتك أتسمع؟؟؟؟ 


هنيئاً للسماء بحضورك بابا. 

هنيئاً لقلبي بالسماء التي يستحضرها وجودك الدائم في هذا الخافق داخل صدري.

بابا 😢😢😢😢

Saturday, August 29, 2020

فيروز كرّموها فيروز عظّموها



طويلاً أردتُ أن أكتب لفيروز وعن فيروز، لكن ما أسعفتني التعابير ولا الأوصاف يوماً، هي من تتربّع على عرش النّغم والسحر، لا يطال عزّها كلام ولا شكر. 


طويلاً رغبتُ بالكتابة عن الصوت الذي به تعرّفتُ إلى الوطن ومفاهيم الإنتماء، إلى صوت الله وبهاء حُسنه، إلى حفيف أجنحة الملائكة التي تحملك إلى سابع السماوات وأعلاها، إلى غابات السحر والشوق التي تملؤ رئتيك رغبةً في الحياة، إلى الحنين الذي يقتلعك من كلّ ما حولك ليلفّك بغمامة شراب يطرب شرايينك وأكثر، وبعدُ أكثر بكثير.


فيروز الأيقونة الإلهية التي وهبنا إيّاها الله وسلبنا كلّ باقي مظاهر الحياة الأخرى، فمن له فيروز، له كلّ الحياة مسكوبة جرعةً واحدة في تقاسيم صوتها وحضورها. مَن له فيروز، له مملكة لا تشبه وطناً آخر منذ المدينة الفاضلة حتى اليوم. ربما لهذا نحن نعيش في الفراغ المهول، في باقي تفاصيل الوطن، ربما لأنّ الله منحنا فيروز كي نكتفي بها عن سائر متطلبات الأوطان وما يجعلها قابلة للعيش.


يطول الكلام عن الإلهة فيروز، ولا أجد التعابير التي تليق بصوتها ولا بشخصها كسيّدة ملكة تستحق لقب ملكة الملكات. ما  دفعني للكتابة اليوم ليس مناسبة التغنّي بفيروز، فهي الأرض المسحورة التي لا أريد سوى التمتّع بسحرها! إنما استوقفني الفنان المصري الذي شكرها على طريقته، عبر نحته لتمثالٍ جسّد تعبيره الخاص لها، وله كلّ الإمتنان. طبعاً، هو مَن يدين لاسمه بكل ما هو جميل، الفنان المصري هاني جمال؛ تقبّل منّا كلّ العرفان لأصابعك التي لامست روح السيدة فيروز، وجسّدتها منحوتة جميلة، واحدة، من بين الملايين التي ندين بها لسيّدة، لولاها، لما كان للحياة هذا البُعد الجميل الذي تسكنه في أرواحنا، ولما تلوّنت دماؤنا بوطنٍ، ظننّاه كبيراً متيناً متماسكاً أبيّا في حبال صوتها. لم نعي أنّ لبنان، أسطورة، وُجدت فقط في فنّ الرحابنة وصوت فيروز.


ما استفزّني هو أنّ فيروز لا تُكَرَّم رسمياً كل يوم من قبل الحكومات والرئاسات اللبنانية المتعاقبة! لماذا لم تكرّموها هي التي أعطت لبنان كِبَرَهُ ولوّنت خارطته بالمجد والرفعة؟ منذ كانت فيروز ولبنان مقرونةٌ عزّته بها، هي التي بصوتها، رسمت حدود الوطن ووسّعتها لتطال الدنيا ومن فيها. مَن الأجدر باسم لبنان: فيروز وأغانيها، أم رجال السياسة وعهرهم الذي تمقته كلّ دول العالم؟ مَن الأولى بصيت هذا الذي يسمّونه لبنان: نقاء صوتها وسماواته الفسيحة، أم رصاص الأحزاب واقتتال الطوائف على محاصصة المنهوب والمسروق من الوطن؟؟؟ ما الذي يجب أن يرتفع على شاشات نشرات الأخبار العالمية والمحليّة: خلايا العطر المسكوب في فجر صوتها، أم خلايا الإرهاب التي تقضي علينا في هذا الوطن، فجوراً ودمارا؟؟؟ أما كان يحقّ لنا أن نطرب حتى ثمالة الخمر الأحمر في كُنه صوت السيدة فيروز، بدل أن يسكر الوطن بدمائنا التي شظّاها الإنفجار الأخير الذي أتى بعد الكثير من الإنفجارات السابقة بحيث لم يعد لدينا من دماء نفديها لأحد؟؟؟؟؟

ربيعة طوق

Thursday, August 13, 2020

لا للموت بعد اليوم! أنا أريد الحياة!

النداء اليوم للشعب اللبناني، أو على الأصحّ، المجموعات اللبنانية المتناحرة، غير القابلة للتعلّم وللتطوّر الوطنيّ! أنا أريد الحياة. أنا أختار الحياة! أنا وبيروت وأهلها والوطن بأكمله ضحية! نحن لم نطلب الشهادة: نحن ضحايا الجهل والمحاصصة والعمالة وعبادة المناصب! 

كلّ طفلٍ قضى هو ابني وابنتي! كلّ أخٍ رحل هو أخي أنا! كلّ أمٍّ تبكي هي أمي أنا! كلّ قلبٍ تمزّق، كان قلبي أنا! وأنا لم أكمل بعدُ ثمن منزلي الذي تطاير، ولا ثمن غرفة النوم التي أسدّد ثمنها بالتقسيط كمثل أحلامي، ككلّ أهلي وإخوتي في هذا الوطن، حيث الموت يخترع أسباباً جديدة كلّ يوم! لم يختَر أيٌّ من الضحايا الرحيل، لكنهم رحلوا وأخذوا معهم قضمةً من قلبي وسماءً من روحي. لم يقم أيٌّ من الضحايا بتوديع أحبّته، بتناول وجبة طعامه المفضّلة، بطبع قبلة على خدّ الطفل الذي احتفلوا بولادته منذ أيام قليلة بعد سنوات من التضرعات، بالتوقف لبرهة أمام المرآة للتشبّث بهدفٍ رسموه منذ وقتٍ بين أضلعهم! لم يشعر أيّ من الضحايا الأبرياء أو يعرفوا أنّ الساعة السادسة وسبع دقائق من الرابع من آب اللعين، ستكون آخر شعلة حياة في أجسادهم التي كانت تسارع الزمن وتصارع اللعنات في وطنٍ قاتل محترف، يقتات على دماء أبنائه من الأبرياء!

كلّ شباكٍ تطايرت شظاياه لتحطّ على جلدي، هي شبابيك فُتحت لتدخل الحياة إلى البيوت ومزهرياتها، لا ليدخل الموت بشعاً كلعنة أو كقصاص! لا للموت بعد اليوم! إن قبل ٤ أيار لا يمكن أن يكون مثل بعد الرابع منه. قبل هذا التاريخ كنتُ حيّة ببساطة، وأتنفس أملاً بأن لهذا البلد شمس ساطعة بالأمان، وها أتى الإنفجار وانهار الوطن والأمل، وانهارت فينا الدار وتحوّل فينا النهار، صرنا لهباً ونار!

هذا الإنفجار لا يزال يفور في صدري كالبركان على امتداد الليل والكوابيس. بيروت طعمها قمحاً معجوناً بدماء أحبّتي يحترقون لا زالوا في فمي! ها هم في أكواب المياه والنوافذ التي لم تعد تطلّ على المتوسط، إنما على أكداس التزمّت والفساد العفن الذي قذف بأجساد إخوتي مساميراً صلبتني على عودِ وطنٍ محترق، كمثل هويّتي التي تطاير ورقها الزهريّ وتناثرت فوق بيروت صارخةً باسمي بأعلى صوت: أريد أن أعيش. أريد أن أحيا.

منذ أن كنتُ طفلة وأنا أسمع عبارات تدور في فلك "لن ندع موتك يمرّ دون عقاب للقاتل" أو "دم الضحايا لن يذهب هدراً" أو "وعدنا لك أننا لن ننساك للأبد".... ومشى بي العمر، وطالت لائحة الشهداء والضحايا والمغدورين الذين ماتوا مرتين: مرّة حين تمزّقت أجسادهم بالرصاص والبارود والشظايا، ومرّة حين تاجر بهم رئيس الحزب؛ وكم من رئيس حزب، وكم من ضحايا، وكم من ثكالى لا يعرفون أيبكون أخاً أو أباً أو زوجاً أو حبيبا أو عائلة وبيت وعمر من الأحلام والأماني المبتورة! وطالت لائحة الموتى طالت لدرجة فاقت معها مساحة الوطن الذي ضاق بالأجساد المضرجة بالدماء. 

إنّ خارطة الأجساد البرئية التي ماتت منذ تأسيس لبنان الطائفي التحاصصي حتى اليوم، إذا ما مدّدناها الجسد بجانب الجسد، لكانت مساحة الوطن أكبر من ١٠٤٥٢ كلم. وكبرت طالت مع لائحة أموتانا الخيانات والمبايعات والمزايدات بيعاً وشراءً بدم الضحايا والشهداء! وازدادت أسواق المزادات العلنية التي تاجرت ولا تزال بدم الأبرياء، خصوصاً في الجوامع والكنائس، وتحوّلت التعاليم الدينية إلى دروس ونُهُج في القتل والجرائم الدينية المنظّمة التي تتلطّى بالعباءات الدينيّة، محوِّرةً النصوص السماوية والنفوس البشرية إلى قنابلة موقوتة لا يرويها سوى قتل الأبرياء العُزَّل.

وللتنويع والمزيد من التشويق الذبائحيّ، لدى كلّ عمامة أكثر من حزب، وأكثر من أداة قتل، والكثير الكثير من الحجج والمقارعات لآلاف مناهج النهب والقتل والتدمير وتشويه الإنسان. وكلّ هذا يتمّ باسم الله، باسم الشعب، باسم المواطن، باسم الأطفال، ودائماً باسم الفريق الثاني (التانيين اللي ما خلّونا)

ربيعة طوق

Monday, August 10, 2020

ذنبنا الوحيد أننا اقترفنا الحياة.

ذنبنا الوحيد أننا اقترفنا الحياة.


هل كان ضرورياً أن نموت جراء انفجار كبير وصلت معه أشلاؤنا إلى العالم أجمع كي تستفيقوا؟ ألم يبدأ هذا الإنفجار المهول يوم رفع إخوة الصف الواحد سلاحهم بوجه بعض؟ كم من الوقت اقتتل فيه عون وجعجع، وتكدّست الأحقاد والألغام والبنادق والأجساد، وتوقّفت القلوب عن الخفقان الإنساني، لتتحوّل إلى قلوب من بارودٍ ومن دمار!؟! هما اللذين عادا، واحدٌ من الخارج، والآخر من السجن، ليُكملا في اتفاق معراب، ما بدآه مِن شقاق وتفرقة في بلد قائم على التفرقة الدينية المذهبية الطائفية الحزبية، وقضيا معاً على مَن تبقّى منّا! آتي على ذكر هذا الديو المخيف بالذات، لأنّ لا عمر لذاكرتي عما ومن سبقهما من اقتتال بين اللبنانيين على أساس طائفيّ مذهبيّ، وكم عدد الذين قُتلوا باسم الله. لم يحصل في التاريخ الإنسانيّ الحضاريّ، أن يعود إلى ربوع الوطن، الأشخاص نفسهم الذين بدأوا منظومة القتل والتفرقة والسيادة الدموية! أخاف التفكير بأنه لو قُدِّر لبشير أو لداني أن يُكملا حياتيهما، لكانا ربما داخل دائرة الإخوة المقتتلين، ولكان المسيحيون قد أفنوا بعضهم هلاكاً على الكرسي. وبينما كانت الأحزاب المسيحية تتقاتل كالديوك، تطاول عملاق الحزب الشيعيّ، ليخطف البلد بأسره بقوّة الخليط السحريّ الأقوى: الدين والبارود، المخَدِّرَين اللذين إذا ما اجتمعا معاً، أسقطا أوطاناً وأمَما! 


ظننتُ أنّه باتحاد قِوى البلد السياسية الطائفية، سيبنون لنا مؤسسات إنسانية راقية، تضمن أعلى درجات العلم والدراسات، وأرقى دور الحضانة والعجزة، ومنظومة متكاملة من الخدمات التي تُعلي شأن المواطن والوطن! لم أنتبه، بينما يمشي بي العمر، أنّ مجالس العلماء الإسلاميين في وطني، تتدارس فقط علم لباس الحجاب، والبحث في أمور المأكولات التي يجوز أو لا يجوز للمرأة شراؤها، وكم زواج متعة يحقّ للرجل المتزوج، وبأنّ الهلال في تاريخٍ معيّن، يهلّ عند الشيعة خلافاً للتوقيت السنيّ، كأنّ حسبان الوقت لدى الفئة الأولى، مختلف عنه لدى الفئة الثانية! وظننتُ أنّ البطاركة المسيحيين، سيُكملون على خطى المسيح، بمسح رعاياهم بالبركات الأرضية، عبر منظومة من المؤسسات التي تُنشيء آلهة بشريين، يترفّعون عن الإختلافات العرقية والمذهبية والدينيّة، ليعيشوا كُنه الحب الإلهي وجوهر الدين المسيحي في مجتمعنا اللبناني!


أخطأتُ في ظنوني، وأخطأ الجميع بحقّ الوطن الذي هو بأمسّ الحاجة لنظام مدنيّ منزوع ذكر الدين على سجلات القيد المحمولة، كما ومنزوع السلاح. فلبنان أصغر من أن يقف بوجه أيّ بلد قريب أو بعيد، هو الذي بالمساحة أصغر من قبرص، وبالنفوذ حدّث ولا حرج؛ فعلامَ وضدّ مَن سنحمل السلاح إذا ما أعلنا وطننا سلمياً لا يريد سلاحاً. فليذهب مَن لديه التزامات مع بلدانٍ أخرى، إلى تلك البلدان، سواء سوريا أو إيران أو أو أو.... واتركوا الأطفال يكبرون بالبراءة والهناء، كيما يتمكّنوا من بناء وطنٍ يشبه أيقونة لبنان الأجمل: السيدة فيروز.


وها نحن اليوم، بعد الإنفجار البركان، نلوذ إلى المزيد من الشحن الطائفي المذهبي التحزبيّ الأسوأ في تاريخ هذا البلد المشرذم. كفى مهاترات ولنتقدّم أولاً بالصمت إكراماً لروح الضحايا الذين خسروا حياتهم لقضية لم يختاروها! أيأتي إلى ذهن أي مسؤول في لبنان، أنّ أحداً من أولئك الأبرياء، لم يكن يريد أن يموت؟ أخَطَر ببال المواطن والمسؤول شكر  السفير الهولندي الذي بدل أن يلعننا، قام بتنفيذ وصية زوجته لوهب أعضائها إلى قاتليها! هل استوقف هذا العمل العظيم أحد السفراء أو الرؤساء اللبنانيين!


شكراً سيدة هيدويغ. السلام لروحك العظيمة. السلام لأرواح الضحايا الأبرياء، الأموات منهم والأحياء؛ التخزّب قتلنا وقتلكم، سامحونا.

ربيعة طوق

Friday, June 5, 2020

بيان رقم واحد

لستُ ضدّ الحجاب، بالدرجة نفسها التي لستُ ضدّ العري، وبموازات الشكل، لستُ ضدّ ما تؤمن به، بالدرجةذاتها التي أنا لستُ ضدّ ما لا تؤمن بهلكني حتماً ضدّك إذا حاولتَ أن تُقحم رأيك في وجهيمفاهيم حياتكاليوميّة وسلّم قناعاتك وتعاليم ديانتك، مهما كانت أُسُسُها أو معتقداتها أو تقاليدها، يجب، لزاماً، أن تُنَشِّئك علىاحترام كلّ باقي ديانات الأرض دون الحُكم عليهاوإن لم تكن ديانتك قادرة على احترام اختلاف الآخر، فأنتحتماً تعبد شيطاناً من نوعٍ ما، لكن يستحيل أن تكون من محبّي الله، بينما تدعو وتسمح بالقتل، سواء كان هذاالقتل جسديّاً أو روحياً أو معنوياً.

إذا كانت تعاليمك الدينية لا تتضمن احترام جميع أشكال الحياةالبشر والحيوانات والنباتاتفأنت في حالةعشق مع الشيطان وليس مع الله يا له من وضعٍ بائس أن يكون هذا البيان البسيط لا يزال غير معلوم لكثير منالبشر.

I am not against the veil, in the same degree that I am not against nudity, and parallel to the form, I am not against what you believe in, in the same degree that I am not against what you do not believe.  But, I'm definitely against you if you try to shove your beliefs in my face, forcing me to adopt them, or else you’d curse me. The concepts of your daily life, your convictions and the teachings of your religion, their foundations, their allowances, their restrictions, their traditions, must, inevitably, raise you on the basis of respecting all the other religions of the earth without judging them!  And if your religion is not able to respect the difference of the other, then you certainly worship a certain devil, but it is impossible for you to be a lover of God, while calling and allowing the murder, whether this murder be physical, spiritual or moral.

if your religious teachings does not include respecting all forms of life: humans, animals, plants: then you are in adoration with the devil and not with God! Such a pitty that this simple manifesto is still unkniwn to lots of humans

Je ne suis pas contre le voile, au même degré que je ne suis pas contre la nudité, et parallèlement à la forme, je ne suis pas contre ce en quoi vous croyez, au même degré que je ne suis pas contre ce que vous ne croyez pas.  Mais je suis définitivement contre toi si tu essaies de me bousculer tes croyances, me forçant à l'adopter, sinon tu me maudirais.  Les concepts de votre vie quotidienne, vos convictions et les enseignements de votre religion, leurs fondements, leurs allocations, leurs restrictions, leurs traditions, doivent, inévitablement, vous élever sur la base du respect de toutes les autres religions de la terre sans les juger!  Et si votre religion n'est pas en mesure de respecter la différence de l'autre, alors vous adorez certainement un certain diable, mais il vous est impossible d'être un amoureux de Dieu, tout en appelant et en permettant le meurtre, que ce meurtre soit physique, spirituel ou morale.

Si vos enseignements religieux n’incluent pas le respect de toutes les formes de vie: humains, animaux, plantes: alors vous êtes en adoration avec le diable et non avec Dieu! Tellement dommage que ce simple manifeste soit encore inconnu de beaucoup d'humains

Tuesday, June 2, 2020

لا أستطيع أن أتنفس! لامبالاتي تخنقني

 أختصر قولاً بأني أستنكر الجريمة البشعة التي أسفرت عن مقتل جورج فلويد بأشنع الطرق وأكثرها وحشية، بحيث لفظ أنفاسه الأخيرة بينما كنا جميعاً نشاهد مقتله المصوّر بدقّة، عن قُرب وبحرفيّة لدرجة كدنا معها نظنّ بأنه فيلم احترافيّ، لولا أنّ العالم بأكمله بدأ بالتمرد والصراخ والإعتراض!

لكن ما يدهشني فعلاً، ويوجع كياني في العمق، ليس المشهد وحده فحسب، سيّما وأننا نشهد مثل هذه التجاوزات يومياً، في الولايات المتحدة وفي فلسطين المحتلة وفي الكثير من البلدان ذات الأنظمة التي تدعي الديمقراطية لكنها قمعية إلى أبعد حدود الظلم بحيث لا نعرف فعلاً كيف يخسر المتهم حياته..... كلّ هذا غير مقبول! لكن ما هو مرفوض كلياً، هو اليد الباردة التي كانت وراء نقل الصورة الحيّة للجريمة البشعة التي بكاها العالم أجمع، بينما لم يرتجف لحامل الكاميرا الهاتفية جفن ولم يرتعد له اصبع! بل أكمل تصويره الذي لا يقلّ برودةً ووحشيّة عن الجريمة التي، لو كان لحامل الهاتف التصويريّ ذرّة من الإنسانيّة، لكان حرّك اصبعه وأداره من زرّ تشغيل التصوير، إلى زرّ  إيقاف مسار فعلٍ كان ليخلّص شخصين من الموت المحتّم: جورج فلويد الذي انتهت معركته مع الحياة من خلال موته الذي أعلنه خطّ الماء السائل الذي جرى بجانبه بينما انعمى على قلب جميع مَن كانوا حاضرين ليتيقّنوا بأنّ جسد القتيل قد فارق الحياة وارتخت عضلاته فأفرغت السائل المتواجد في مسالكه البوليّة التي لفظت ماءها إعلاناً عن استسلامها لوحشية القاتل!

لكن الموت الأبشع والذي سيعيشه القاتل الضحيّة، هو موتٌ أفظع للإنسان المقتول في قلب ديريك شوفين، والذي يحمل جثّته معه كيفما توجّه وأنّى ذهب ومهما فعل! الإنسان الفاقد لإنسانيّته يحمل بداخله جثّة الإنسان القتيل على يد الجهل والعنصرية والعرقيّة وكلّ واحدة من تلك الآفات، هي أبشع أنواع الإجرام وأكثرها عذاباً. فالقاتل يواجه يوميّاً مختلف أنواع الموت العديدة كلّ باقي عمره! القتيل يموت مرة واحدة، أما القاتل فيُغتال كلّ يوم من إجرامه الذي هو عبارة عن قنابل موقوتة من قلّة المحبّة وانعدامها! حتى محامي الدفاع سيقف وراءه غير قادرٍ على التعاطف معه لتخفيف أسباب العقاب الذي لا يمكن لبشاعته، إلا أن تُطَبق فيه العدالة الأميركية قانون الغاب ودستور الحياة مقابل الحياة! 

لو قُدّر لهذين القتيلين أن تمتدّ يد المصوِّر لتخليص حياة القاتل والقتيل، لكان العالم بأسره شهد على العدالة الإجتماعية: العنصر الإنساني المفقود من العالم أجمع! من هنا نستشفّ بأننا جميعاً نختنق. المواطن العالمي يختنق كما الحكومات؛ لا لغياب الأنظمة والقوانين والدساتير ، إنما لكميّة اللامبالاة القاتلة التي وصلت البشرية لها! العالم بأسره يختنق بالإنسان والحيوان والنبات بسبب استفحال اللامبالاة وتحكّمها في رقابنا جميعاً! كانت لتتغيّر النتيجة لصالح الحياة والرحمة لو أنّ المصوِّر قرّر ترك الكاميرا والإقتراب من ديريك لمدّه بجرعة من الحقيقة وإيقاظه من منحى جريمته وحتميّة مواجهتها للموت، إلى منع حصول هذا الفعل! ماذا كان خسر المصوّر القاتل، لو ترك جريمة لامبالاته، ليلاقي للحياة مكاناً يتّسع لجورج ولديريك؟ شاء القدر أن يتواجد ثلاثة مجرمين في مكان واحد وبقعة من المساحة لم تتعدّى المتر، لكنها اتّسعت لثلاثة قتلة: جورج، ديريك والمصوّر.

أما الشرطي تاو، الذي كان شاهداً على الظلم والقتل وتوسّلات أحد المشاهدين بأن القتيل يصرخ طلباً للاوكسيجين، فهو يمثّل كلَّ واحدٍ منّا، نحن الذين نتفرّج على القاتل والقتيل دون أن نحرّك ساكن أو يتحرّك الحق والعدالة بداخلنا للإعتراض، للتدخل والحؤول دون حصول مزيد من الإجرام، مهما كانت درجة هذا الإجرام أو مكان حصوله، فالعالم بأسره قد فقد صوابه.....

قالها أينشتاين كعبرة للبشرية جمعاء: الشرّ الحقيقي فيمن يقفون متفرّجين لا يتدّخلون! 
ربيعة طوق

Thursday, May 14, 2020

الشجر المهاجر


في خضمّ النعاس،
يستقيل الليل من عناصره
مهاجراً مع سنونوّات شاردة خارج الفصول،
خارج الأماكن،
ترفرفُ مكتظّةً داخل عجين القلب
طريٌّ هشّ،
لم يعرف سوى هشيم النار المستعرّة،
واحتراق السماء عند سقوط المغيب..

رفقاً أيتها السنونوّات بالخبز المُنتظَر،
باليد التي ستمتدّ لتتناول لقمةً،
بالفم الذي سيلوك الكِسرة مع الغصّة دفعةً واحدة،
كي يتشبّث برفيقه الألم، عصاً تَقيه السقوط..
أورفيوس في أرضي نسي لحن الأغاني
واختلطت به المعاني،
فانهمرت به نقاط الوجه المسروق
في ماء النهر الهارب من منبعه..

السنونوّات تصفّق بجناحيها 
تحاول إيقاظ السماوات المُحتجزة
بين الجهات المتباعدة
مصلوبة في غفلتها عن أزرقها.
كيف للزُّرقة أن تقفل ممرّ سمائها؟
كيف للشجر أن يخون أخضر أوراقه؟
وكيف للشواطىء أن تطوي زبدها بوجه الرمال؟
وكيف كيف يذوي بعينيك النبض يا أبي ليثور غَمراً من البراكين في صدري يا أبي كيف؟
كيف؟

Monday, May 11, 2020

أكلاتنا أطيب! ينقصنا القليل من الوطنيّة


إلى الصناعيين اللبنانيينكيف تريدوننا أن نثق بمنتجاتكم اللبنانية بينما تخجلون من التسويق لها باللغة اللبنانية؟ تدّعون العالميّة وتفتقدون لأهمّ قواعد التسويق، ألا وهي الثقة بالمُنْتَج

وإذا كنتم كمُنْتِج لا تثقون بالمُنْتَج صنع أيديكم بحيث تكتبون عليه صُنع في إيطاليا أو باريس، فكيف ستثق به شرائح المستهلكين؟ما الخطب في عبارة صنع في لبنان؟ وكيف بمفهومكم الوطنيّ يكون ذكر الوطن مُعيباً فيالتسويق والمبيعات؟!؟ 

حان الوقت لتفرض وزارة الصناعة معايير الوطنية والولاء للوطن أولاً وآخراً، من خلال فرض عقوبات موجعة على المصنّعين الذين يخجلون من ذكر اسم لبنان على منتجاتهم -إذا أردنا تجميل عبارة يغشّون- والذين، يسعّرون سلعهم بحسب أسعار تصنيفات الصف الأول بينما منتجاتهم تنتمي إلى الصف الرابع أو الخامس من حيث الجودة، ثم يتذمّرون على الدولة ونظام الحكم في لبنان، بينما العيب في مواطنيّتهم لا في نظام الحكم! 

إبدأوا بالنزاهة ولَبْنِنوا منتجاتكم لغةً ومحتوىً، وفكّروا بأن أبناء عائلاتكم سيستعملون هذه المنتجاتومن خلال هذا الباب تصلون إلى العالمية وليس العكسكوكو شانيل تتصدّر حتى اليوم لائحة المبيعات العالمية لأنها قدّمت رؤيتها عارية من الزيف والكذب، وبهذا وصلت إلى شهرتها العالمية وتصدّرت الطليعة بمستوى مبيعاتهاأنتم تفعلون العكس تماماً والأسوأ من ذلك، هو أنكم تقلّلون من احترام المواطن اللبناني الذي تريدونه أن يشتري منتجاتكم، ومن احترام وطنكم الذي تريدون منه كل شيء ولا تريدون تقديم أي شيء بالمقابل! مثلاً، كيف لإعلان ألبان من البقاع أن تبيع أكثر إذا استندت على ال"savoir faire" لمصنّعي الأجبان الفرنسية؟!؟ ما هذا التناقض الذي تعيشونه؟ لا ينقص أهل البقاع الخبرة المشهود لها لصناعة الألبان والأجبان اللبنانية التي تبيعونها، وليس هناك من انتقاص بحقّكم كمنتجي أجبان لبنانية أن تفتخروا بأنكم ارتكزتم على خبرة أجدادنا في صناعتكم والتي لا يجب تشبيه طعمها ولا خبرتها بمصنّعي الأجبان الفرنسيينفذلك لا يمنحكم علاوةً ولا يمنح منتجكم ثقة أكبر في نظر المستهلك اللبنانيوالأهمّ، بأن ذلك لا يمنح منتجكم المصداقية اللازمة لتصديرها خارج لبنانفسبب شهرة الأجبان الفرنسية هو افتخار مصنّعيها بلغتهم وبطريقة أجدادهم في التصنيعفرصتكم هي الإرتكاز على جودة العراقة اللبنانية محتواً، مضموناً ولغةً بطرق إنتاجٍ وتعليبٍ وتسويق حديثة.

وأخيراً، ليست مسؤولية الحكومة بوضع خطة للنهوض إذا كان الشعب مصنّعين ومستهلكين، لا يملكون الإرادة ولا المسؤولية لذلكما الذي ينقصنا كبلد يمكنه تصنيع كلّ أنواع السلع المعيشية دون استثناء، سوى إرادة أرباب المصانع؟ نستطيع، وبإمكاننا النهوض في مدّة أقصاها سنة إذا تخلّيتم عن كسلكم وجشعكم كتجّار لا تبغون سوى الربح الكبير حتى لو كلّفكم ذلك بيع الوطن ومن فيهينقصنا القليل من الوطنيّة!

Saturday, April 11, 2020

أفيقوا أيها النيام


لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب!
لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب!
الحرب هي لغة الدول التي تعتبر نفسها كبيرة لدرجة بعثت بجيوشها إلى قارّاتٍ وبلدانٍ أخرى خارج شريطها الحدوديّ لا لتحمي شعوب تلك الدول ، إنما لتنهب نفطهم ومعادنهم الثمينة تحت ستار قضايا مقنّعة وجمعيات تدّعي إنها غير نفعيّة، لكنّها تُمَوَّل عن طريق ما نُهب من تلك البلدان، وما أُخذ من فم أبنائها!

لا يا سادة نحن لسنا في حالك حرب
نحن في حالة عجز أمام فيروس غيّر خارطة النفوس وخارطة التفكير وخارطة النظم الإقتصادية العالميةنحن في حالة تغيُّر نمطيّ في تفكيرنا الذي تغيّر للأبد وللأجيال القادمة التي ستعيش على فتات خوفنا اليومسنرتعب أمام كلّ كيس نأتي به من السوبرماركت والصيدليّة حتى لو كان يحمل بداخله دواءً شافياً لهذا الكائن الذي ما عدنا نعرف جرّاءه ما إذا كنّا نياماً في كابوس، أم إذا كنّا بالفعل محجورون داخل منازلنا التي فقدت حرمتها أمام اجتياح الفيروس الخفيّ لبيوتنا ويوميّاتنا!

لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب كما يقول رؤساء الدول العُظمى، أولئك الذين لم يعرفوا سوى ثقافة الحروب والموت والدمار ، وثقافة الهروب من المسؤولية تجاه شعوبهم اليوم في ظلّ عتمة هذا الوباء القاتل! لستُ أعرف من أكثر شرّاً من الآخرأهو فيروس يغزو الأجساد بهدف البقاء والتكاثر كجزء لا يتجزّأ من طبيعته، أم رئيس دولة أنفق بيليارات الدولارات على تسليح جيشه ليغزو به باكستان وكردستان وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وقطر ولبنان ليقف اليوم عاجزاً عن تأمين كمّامات واقية لشعبه؟!؟

لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب، إنما في حالة عجز أمام فسادٍ مدفوع وممنهج ننتظر صندوقاً كرتونيّاً بداخله كيلو أرز متغيّر الجينات، وكيلو سكّر حصل على لونه الأبيض من المواد الكيميائية، وقنينة زيت معصورة من البذور التي تمّ التلاعب بجيناتها لدرجة لم تعد الحشرات تأكلها لأنها تعرف بأنها قاتلة، وعلبة شاي فاضت عليها المياه في مستودعات التخزين في عاصمةٍ ما من عواصم الدول العُظمى بعد أن صنّفتها مختبراتهم العلمية بأنها غير صالحة للإستهلاك لاحتوائها على منسوب عالٍ جداً من مبيدات الحشرات بحيث يعرّض استهلاكها إلى تَغيُّر جذري في الأمعاء التي تمزّقها نسبة السموم المرتفعةعلى ألا ننسى المنشور الذي بداخل الصندوق الكرتونيّ - أي الأعاشة هذه، والذي يتضمّن شرحاً عن كيفيّة الوقاية من هذا الفيروسUSAID وأخواتها؛ شكراً للبارود الكرتونيّ المعبّأ كهبات للشعوب الفقيرة كحال شعبي! كان من الأجدر لو لم تشرّدوا الفلسطينيين والسوريين وتُجبرونا على استقبالهم في مخيّمات الذل والعار، تحت وصاية سلسالٍ من حكومات تأتمر بطمعها الذي تغذّونه بغابات عملتكم الخضراء! 
لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب إنما في حالة غباء مستشرٍ بشكل أشنع من تفشّي الكورونا! فأمام مهاراتكم في تدريب العملاء وصياغة السيناريوهات، نقف مذهولون لا نعرف أنعلّم هذا النوع من التخفّي لأطفالنا كي يحذروا منكم، أم نستتر أمام الله الذي يندم على خلقه لكائن انسانيّ لم يعد يملك من الإنسانية إلا التصنيف العلميّ لهذا الصنف من المخلوقات، أمثال رؤساء الدول العربية الذين يمصّون دماء شعوبهم ثمّ يبيعونهم في كراتين تحمل الألعاب الجنسيّة الترفيهيّة الذكورية والحجاب لستر عورة المرأة الناقصة، بينما تغصّ الشاشات الوطنية بالعملاء الذين يخدمون إيران في العلن، وإسرائيل في السرّ، والشيطان الكامن في قلوبهم في المطلق!

لا يا سادة نحن، لسنا في حالة حرب إنما في حالة شلل سنُصاب بها حين ينتهي الحجر، وسنقف مغلّلين بأصفاد الخوف من أيّ صديق أو من أيّ فرد من أفراد العائلة سنقابله بينما نتخبّط من الداخل بشأن ما إذا كنّا سنأخذه في عناقٍ طويل، أم سنخاف من أن يكون هذا الفيروس قد استوطنه كما تستوطن الكائنات الفضائية أجساد البشر في الأفلام الهوليودية؟ سيتملّكنا الرّعب حالما نخرج من سجن الحماية هذا، إلى سجن الخوف من المطاعم والقطارات والباصات والمنشآت العامة وصالات الرياضة ودور السينما والمسارح وسيصبح العدو متربّصاً على كل قبضة باب أو كيس مشتريات أو أيّة يد ستمتدّ لمصافحتنا فهل من دواء لهذا الداء المستجدّ؟!؟

لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب، بل في حالة كشفٍ جليّ وواضح عن فشل الحكومات، كلّ الحكومات عن حماية شعوبها! نحن في حالة صحوة من وهم الإتحادات العالمية: إيطاليا اختنقت ولم تحرّك دولة أوروبية إصبعاً لمساعدتها! فرنسا لا تزال عاجزة بعد خمسة أشهر من إدراكها بوجود الفيروس وبعدم وجود كمامات واقية تحمي مواطنيها من تفشّيه، وحتى هذه الساعة لا وجود لمبادرات حكومية من أجل تصنيع تلك الكمامات! الأمر نفسه ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية التي تتخبّط بين الإقرار بعجزها، والإقرار بأنها في أمسّ الحاجة للصين، غريمتها، من أجل تلك الكمامات التي لم تجد لها عبر ولاياتها الإثنان وخمسون مصنعاً يقوم بتقطيب الرباطات على القماش المانع! 

لا يا سادة نحن لسنا في حالة حرب، إنما في حالة تضامن أرضيّ شامل للإنسان أينما وُجد! نحن في حالة يقظة بأن العون في التضافر الشعبيّ بين الإنسان والإنسان لا بين الحكومات التي عزلت شعوبها وراء ترسانات عسكرية وأقامت الحواجز البشرية التي أكرهت الشعوب على بعض بعضهم البعض! أرى سكان البلدان الأصليين في كامل الأرض يهلّلون اليوم فرحاً؛ فقد تساوى بني البشر في المصير وفِي المسير أمام حاكم الأرض الأوحد: كوفيد ١٩ المتجسّد خوفاً جعل الملك يشعر بأنه عامل تنظيفات وجعل عامل التنظيفات يشعر بالإنصاف الإجتماعيّ الذي لم يُنصفه نظامٌ حكوميّ من أيّ نوع! أرى التفرقة العرقية والدينية والمذهبية إلى زوال، كما وأرى الإنسان جاثياً طالباً الغفران من أخيه الإنسان، من أخيه الحيوان، من أمه الأرض ومن الله. أرى الإنسان عائداً إلى أصله الطيب المجبول بالرحمة والعدل! لا حاجة اليوم للرقم ذو عشرات الأصفار بقدر الحاجة إلى الممرض والطبيب الذي يستكثرون عليه زيارة تحمل رقماً بصفرين! إنه وقت إعادة النظر بالتصنيف الوظائفيّ ووجوب مساواة المهن جميعها في المرتبة نفسها لناحية شكر الموظف على تأديته لواجبات وظيفته مهما كانت، فالجميع في خدمة الجميع! إنه وباء الصحوة  فأفيقوا يا أيها النيام!

نحن في حال النعمة التي أعادت المساواة بين البشر ووحّدتهم جسداً وروحاً مع الخالق وأعادت فتح الخطوط مع الله! نحن في حال النعمة؛ من بشر يستهلك ما تطاله يده من نبات وحيوان، إلى شعوب وأوطان تسأل وتتساءل عن أخلاقية المنشأ وروحانية المصدر ووجهة الطرقات كلّها والوجهات المادية والمعنوية وتراتبيّة المهن وأهميّة الإنسان كقيمة عُليا مُحافظة ومقدّرة للحياة ومنشؤها ووجهتها. 
ربيعة طوق