Thursday, November 15, 2012

بَوْحٌ على وتر الشوق





كيف عساني أصوّرك؟
كيف عساني أعرّفك؟
كيف عساني أخطّك
وأنت متداخلٌ في خصلات الصفصافة
المتدلية من يديّ..


كيف عساني أرسم شكلك؟
وأنت الشكل الذي بات يحدّد قزح أضلعي،
والجداول التي تروي نسغ السنابل
النابتة على مجرى رمشٍ أزهر بفيض محيّاك..


كيف عساني أخطّ ما بي
وما بي هو أنت؟
ما بي كلمة للحياة،
كلمة للموت،
كلمة عصيّة على البوح
والمسافات تنتزعني من نفسي
وتكسر جبهتي بحثاً عن أعجوبة ما
تستحضرك حقيقةً أمام ناظري..


كلّ شيء فيّ يأبى عن الإقرار
بأنك لست الآن معي:
حتى فستاني الذي ارتديته للقياك
يوم جلسنا بجانب البحر الأزرق،
أبي أن يغتسل
بعد أن طاله غيث سماك.
كلّما أمسكتُ به، طارت إحدى السنونوات
التي كانت تحت إبطك الأيسر
حيث عشّش كتفي الأيمن
ووشت برائحة الأسراب التي احتضنتني يومها،
 فحلّقتُ في أزرقك
حتى بتّ أنت لي كلّ الأزرق.


كيف أُشفى من احتراف الذكرى؟
كيف أشعر من جديد بأن يديك أبد،
وبأني لم أكن أهذي
حين أطللتُ من شفق نظراتك
فرأيتُ باحات أحلامي الفسيحة،
ولم أُفاجأ،
 فأنت من كان يحرس بوابة أحلامي،
يعانق انتظار أيامي
ويهدهد فراشات النمش فوق جلدي
بترنيمةٍ دلّت عليك في طنين أوردتي
وأعلنتك الدهشة الأبدية لأمواج صدري..

كيف تُراني لا أبتر هديل الحمام
وأنت لست معي؟

كيف تراني لا أذرو الغمام
ويدك ليست في يدي؟






Friday, October 5, 2012

إنها تمطر


إنها تمطر.
أتخشى المطر؟ تعال. وهل يخشى المرء صديق؟ المطر زغاريد الأرض والسماء.
تحت ستر الخيمة الزرقاء الموشّحة بالغيم، سأتّحد بمعطفك لنمشي معاً تحت مظلّة المطر. نغتسل قليلاً. نغتسل كثيراً ونلقي بغبار العناء عن وجه ذاكرتنا.
أمطري.. أمطري بعد.. فحين تمطر أعانق الوجود بكليّتي.
المطر صلة الأرض بالسماء، بالخير، بالحب.
قطرة تلو القطرة ويمتلىء قلبي فرحاً.
قطرة تلو القطرة وترتوي روحي ريّاً.
قطرة تلو القطرة ويرقص جسدي تحت أنغام المطر.
إعزف يا مطر، الليلة سأراقص الكون على أنغام انهمارك السخيّ.
إنزل يا مطر، فبنزولك يطأ الإله أرض أيامي ويبارك وجودي.
سأرقص حتى الثمالة، فامطري يا غاليتي السماء. ها بخّور التراب يتصاعد إلى أنفي برائحته الملائكيّة على وقع نقاط مياهك تحيّي هبة الحياة.
سأرقص حتى الثمالة، ها العصافير تصفّق لي بأجنحتها من بين أغصان الشجر كما لو أنها أسراب راقصي فلامينغو.
سأرقص بملء شكري لكلّ " ق ط ر ة " ترسلها السماء، احتفاءً بالوجود، بالحب، بالضحكات، بالهمسات، بالترنيمات وبالصلوات.
قطرة غيثٍ أخرى وأتّحد بجزئيّتي مع الكلّ، وبكلّيّتي مع باقي الأجزاء.
الليلة المطر بيتي.. الليلة المطر وطني.. الليلة المطر كينونتي..

Thursday, October 4, 2012

ماء الحياة


يتصاعد وجهك في بالي،
متسلّلاً بين اللحظات،
كرائحة البنّ الطازج
يجتاحني كالكمنجات،
يغتالني بعزف حنينٍ لا أجد له الكلمات،
يسرق منّي كلّ الترتيبات..

فرغم جدار المسافات،
لا زال وجهك بالذات،
يغريني بالضحك كمثل صغار الفتيات،
يمدّني بالنوتات
 على سلالم النغمات،
فتزقزق أسراب السنونوات
في جلدي، حيث مررت يوماً باللمسات،
فعشّشت يدك في حنايا الخفقات،
فوق عشب جسدي وأمعنت في حبّ الفراشات،
تتطاير رفوفها في اشتياقي الذي ظننته مات..
لكنّ عشب الذكريات،
مخلصٌ لأخضر الوريقات،
حيث أكتب أنّ وجهك "ماء الحياة".

Friday, September 28, 2012

ما لي ولك يا مرآة؟


ما لي ولك يا مرآة؟ أولا تعلمين أنّي لست بحاجتك لأدقّق في تفاصيل وجهي وانحناءات أنفاسي؟ أنا امرأةٌ من عجينٍ سماويّ ولي مرآة بنبضٍ ألوهيّ.. مرآتي هي مرأى حبيبي، حيث تحدّد لي نظراته مقدار الضوء المسكوب على ثنايا وجهي وتنير لي ملامحي. ها أنا أرى تعرّجات خارطة جبيني حيث يرسم، بنظراته، مسار النجوم المتناثرة عليه، تلك النجوم التي تفلت سهواً من قبلةٍ طبعتها شفتاه على قمّة هذا الجبين، فتسامى، كمثل البريق الذي ينسكب سخيّاً من عينيه، كلّما وقفت قبالته لأتمرّى...

عيناه مرآتي التي أرتّب فيها انعكاسات أحلامي المتجسّدة. المرآة التي تصمّم مَدار ابتساماتي الفسيحة، تفرشها بالقصور والحدائق المبحرة بالأخضر، ثمّ تتحوّل إلى ضحكات تعزف على أوتار كمنجات روحي المعلّقة في خمر الصمت، في كأسي، يقترب من حافّة كأسه، نشرب نخب المرآة الكبرى التي تجسّد فيها، فجسّد هوية أنوثتي...

ما لي ولك يا كحل؟ ما لي ولك يا أحمر الشّفاه؟ زينةُ وجهي زينةٌ من نوع آخر.. ألوان تبرّجي تحدّدها ريشة ذراعيه التي تبحر في إيقاع خطواتي وترسم دائرة خصري في دائرة بؤبؤ عينيه...

Tuesday, September 18, 2012

قراءة من مذكرة ورقة



وريقة جديدة تطلّ رأسها من روزنامة أيامي. وكالمولود الجديد، تبتسم الوريقة لدقائق الصباح الأولى، تمسك بذيل ثوب أمّها الحياة وبيد رفيقتها التي هي أنا، وتسير بنا سويّاً لتبدأ نهارها. قليل من الوقت، تتحوّل الوريقة بزغبها النضر إلى ورقة تسطع بالإحتمالات والإبتسامات أو ربما بالإنكسارات، لكنّها تمضي بالرغم من اختلاف التبعات والأحداث. تسير بي على صفحات النهار غير متأثّرة بشيء، كما لو أنه يومها الأوّل والأخير. إنّه فعلاً كذلك. إنّه يومها الوحيد. . .

ورقة تورق، تليها أخرى في صباح اليوم التالي، أخرى للغد الثاني وأخريات للأيام المتتالية. واحدة تمرّ بصخب، واحدة بسكون، واحدة على عجلة، أخرى بكدّ وأخرى بصمت... جميعها مثمرة في جسدي. جميعها تحيّي عطر شراييني وتغدق عطرها في هذا الجسد: جسدي. جسد الأمس واليوم. جسد الأماني والمعاني التي تحملها هذه الوريقات كقضيّة يومية لها.

في هذه اللحظة بالذات، أفاضت إحدى تلك الورقات نبضها في جسدي. أدارت مفتاح أصابعي، وتمنّت عليّ الكتابة: شكراً لهذه الأنامل التي تنساب في ينابيع أعصابها الكلمات. شكراً لهذا الفكر المطواع الذي يلبّي كسيّد نبيل، رغبة السيّدة "لحظة" في الكتابة. شكراً لك يا أمي الحياة.

ها هي أختي الدهشة تنبّهني إلى أنّ النهار لملم بقع الضوء عن مداري الزمنيّ، يأخذه إلى مدار آخر، ليودعني في أحضان والدي الليل: "أب الأحلام". والدي لا يخلف في مواعيده. يأتي إليّ عند كلّ مساء محمّلاً ذراعيه الكثير من الدفء. تتثاءب الورقة المثقلة بنهار حفل بالأفعال مستعيناً بنبض عروقي، وتهمس في أذني بحنوّ: "أنا حبلى يا رفيقتي، وسيكون مولود الغد بانتظارك على بوابة الصحو." وما أن أرغب في تصوير شكلها وجدول مواعيدها، حتى تتغلغل دعوة والدي في مبسمي، مليئة بالأحلام التي تشكّلت لي خصيصاً، على شاكلة آمالي.

أغمض ناظري، فتتصاعد ترنيمة شكر لك يا أمي الحياة، لكلّ شجرة حيّتني اليوم، وكلّ زهرة أمالت بألوانها نحو وجهي، وكلّ عشب تصاعد أخضره إلى جبيني، وكلّ عصفور رسم دائرة خصري في أعالي السماء، أو خبّاً أمنية لي في شجرة سيتلحّف غصنها الليلة.

وكمثل هذا العصفور، ها أنا يا أبي، خذني إلى أرضك حيث الأحلام وفيرة والموسيقى غزيرة. معاً سنجوب مجرّات وعوالم جديدة كمثل كلّ ليلة. شكراً لكلّ حلم سترسمه في بصيرتي. 

Saturday, August 4, 2012

مغالبة



أغالب هوج الدقائق
في لون شعري وحنّاء الأيام،
عبثاً أتشبّث بعمر رغبةٍ ما مرّت بين الأنام،
ما رُسِّمت خارطة طقسها في مناخ الأحلام
وما عُرفت رحابة أرجائها في صرح السلام...

أغالب دقائق الهوج
تمرّ أعاصيراً في خصلات خَطوي، بينما البريق
تائهٌ على ناصية قلبٍ استقال من نبضه العريق
مع سيل ذكريات الحريق،
فيما الذاكرة بحرٌ في موجه غريق
والوجع عرّاب الوجهة والطريق...

دقائق هوجاء تغالب
فيّ أغانٍ تعزف لحن الأمان،
غير أنّها تائهةٌ لا تجد الكلام
لأعراسها فيما الحبّ مخمورٌ بعادة الملام
والوراء أبداً يتطاول فوق مقام الأمام...

Thursday, June 28, 2012

احتضارْ


أرى في عينيك لِمَدايَ افتِقارْ
وأنا يا سيّدي لستُ أقوى على تسلّق الإنتظارْ،
فالعمر ذاهبٌ في رحلة الإختصارْ
للوقتِ، للسُّهدِ، للحلمِ والحلمُ مَدارْ
بعيدُ المنالِ عن يدٍ
ستمتدُّ من يدك إلى مَهدٍ،
يهدهد لي المنام يوم أقتربُ من لَحْدٍ،
يدقُّ أبواب جسدي بكلِّ إصرارْ.
فرجاءً يا سيّد القلب والإنتحارْ،
عشقكَ هذا؛ أما له من ناصيةٍ، تختصرُ مسافة الإبحار؟
ترسو بي على مرفأ النَّهَمِ لِعَيْشٍ لم يعد له من قرارْ؟
وتمدّ له قوافٍ من نسيج الإبهارْ،
تُنهيهِ عن الشرود في في إغفاءةِ الدّثارْ؟
فوقتي ما زال في النهارْ،
وأنا للوقت لا زلتُ أحمل نبضاً، كأساً ووجهةً للمسارْ
تكفيني للسيرِ ناحية وجهك؛
فهل توافيني بما لديك من جِرارْ؟!..

في ملىء الوجود؛
للموت وحده الإنتصارْ
وللحياة أجنحةٌ لا تقوى إلّا على الإنكسارْ.


Thursday, June 21, 2012

كلّ عامٍ وأنت سالمٌ أبي


تُناديك الأعياد
في عيدٍ أُقيم لعالم حضرتِك،
يا حضرة الإله في أبي
يا حضرةَ الله في أبوّتِكْ.

تناديك الأبوّة يا أب الكون
يناديك الكون يا أب السماءْ.
قم!
قم يا أباً يُتِّمَ الكون في غيابه الواهي.
قم!
قم يا أب الأرضِ فالأرضُ تنادي والدها الساهي.

قم عيّد عيد الأعياد!
قم نادي يا أيّها الأبناءْ!
ها العيد عادْ،
يرشرش في محاجر العيون الهناءْ..
لكَ العمرُ يُعاد، لَوْ
أنّ للعمر موعداً ثانٍ في جرح الإناءْ
وأنّ الجسد يعود بالطفولة إلى الوراءْ
لَوْ!

ها إله الأنوثة فرش ربيعهُ بالأفولْ
أمام عرشكَ يا أبَ الأمومة
والأمُّ تقدّم لك غار الإباءْ؛
لَوْ! أنّك تستسلم للزهوِ
لا للعمر والعكّاز والنحوِ..

ها الصيف أتى إليك ملؤه احتفاءْ
بالفصول، بالذهول، بالمثولْ
أمام وجهك الوضّاءْ.
لَوْ! تُلملم كهولة الحنّاءْ
في شعري، في لوني، في يومي
وفي حنين الماس إلى فحم الحلم المُضاءْ
في عتمة هذا الإحتراقْ..

لَوْ! يعود العمر إلى الوراء
فلا يمضي بي العمر دونك إلى هباءْ...

Monday, June 11, 2012

طاولة حوار 11 حزيران 2012



"التلاقي والحوار، التلاقي للحوار".!!
قرّروا يا جماعة الخير ماذا تريدون على وجه الخصوص.
سوف أفتتح حواري معكم هذا ببركة الخير التي لم تتركوا لنا منها خميرةً في حضوركم.
جلستم أمام ميكروفونات هي الأحدث تكنولوجيّاً، غير أنّ صمم خطاباتكم الفرديّة قد عرّتنا من كراماتٍ لم تتركوا منها ما يستر عُري رغيف الخبز الذي حشَوتُموه بالمواد الحافظة التي تسبّب العقم وتُتلف الخصوبة، واستكثرتم على هذا الشعب، إدارة مَراقبكم الشريفة لإطعامنا خبزاً طبيعيّاً.

جلستم غصباً على كراسيكم، لكنّكم يا سادة يا كرام، وضعتم مؤخّراتكم على أنفاس الحوار، بعد تناولكم لولائم الوجبات الدسمة، ألحقتموها بفواحش الحلويّات، وغُصْتُم في غازات حواركم العقيم هذا.

مَن تظنّون أنّكم تخدعون هنا يا سفّاكي الدماء، بالطبع، باستثناء قلّةٍ قليلة بينكم من الرجال الشرفاء، الذين لم يستحمّوا يوميّاً بدماء الشهداء، مُسَخّرين فَوَران شبابهم لقضاياكم المعلوكة أكثر من نعالٍ مَشَتْ شوارع لبنان بأكمله، طولاً وعرضاً وعمقاً. هناك فقط قلّة قليلة من بينكم، لم تلوِ أعناقها الدّماء الثقيلة، كتلك المعلّقة قلادة في أعناقكم، والتي لوت أعناق الأمّهات اللواتي تركنَ لكم أمر تدبير مستقبل فلذاتِ أكبادهنّ. هذه القلّة من الرجال، هي بعددها لا تتجاوز أصابع الكفّ الواحدة، غير أنّ ما دفعها للجلوس والتواجد معكم، هو شرفها الذي لم تلوّثه أوساخ حقائبكم الوزاريّة.

جلستم غصباً على طاولات، لا طاولة واحدة، وليست دائريّة. وأوفدتُم بمبعوثيكم مسبقاً، كيما يعدّوا أمكنة جلوسكم بحسب التقسيمات الطائفيّة التي شلّعتم بها راية هذا الوطن؛ فكيف لا تخجلون من تسميته "لقاءً حواريّاً"؟. كيف تطلقون عليه تسمية الحوار الدائريّ، بينما أنتم تجلسون بحسب تراتبيّتكم السوقيّة، عذراً، لا بل اللصوصيّة؟
أنتم أيها السّادة الأقزام، خطأنا نحن الفادح والفاضح، أعليناكُم على أكتافنا في زمن الإنتخابات، فأنجبناكُم زُعراناً يغتصبون الرّاحة في ليالينا، ويَسوسون قراراتنا وبياناتنا الحكوميّة، بحكمةٍ لم نراها حتى في مجتمع الغاب!

"هيئة الحوار الوطني". أجل. كان يجب أن نقرأ العنوان لنعرف المحتوى، فلا نعوِّل بآمال وأحلام على حواركم هذا، المنسوف مُسبقاً من جدّته، لأنّكم يا سادة يا أبعد ما يكون عن الكِرَام؛ قد أتحفتمونا بعُهركم الإنتهازيّ والإرتهانيّ الذي أرْدّيْتُم من خلال بيانه الختاميّ، كلّ أمل فينا، على أنّكم لم تجلسوا معاً وللمرّة الألف، فقط لاقتسام وتقسيم هذا الوطن، بحسب مشاريعكم الشخصيّة وأعداد اتفاقاتكم الدوليّة مع الحكومات الخارجيّة، التي لستم سوى رجالاتها الأقزام على أرض هذا الوطن. كلّ واحدٍ منكم، هو مندوبٌ لدولةٍ خارجيّة، وليس ممثّلاً لهذا الشعب بفئاته "التعتيريّة" التي وصلت، بفضلكم إلى الحضيض.

لم تنتظروا أن تبرد نار الحوار، فرحتم تتراشقون بالتصريحات، كلٌّ في دكانه الإعلاميّ، وبأنّ هذا الحوار يطال فئةً معيّنة!!
عذراً!! هل أخطأ سمعي؟ بالطبع سيكون فئويّاً إذا ما عزلتم أيّها الفئويون أنفسكم واستقصيتم ألسنتكم إلّا عن المهاجمة. أوليس مفهوم الحوار، هو التحاور أوّلاً، ثمّ إبداء الرأي المكوّن بحسب سماع ما لدى الآخر من وجهة نظر، ثم الإدلاء بوجهة نظركم الكريمة، ومن بعدها إرساء هذا التحاور على مبادىء تعود فائدتها على القواعد الشعبية التي تمثّلونها، بعد حدوث هذا الحوار وحلوله؟ إلّا أنّكم يا أسياد المقاطعات العقيمة والتقاطعات الإرتهانيّة، قد قرّرتم مُسبقاً مسار حوارٍ رفضتم المشاركة فيه، لتحوّروه عمداً إلى حائط التفرقة الذي ما نجحتم عبر تواجدكم، إلّا في إعلاء صرحه، وتدعيمه بخطاباتكم الرّنانة التي لم تعد تمثّل إلّا فئات الأشخاص الذين مارستم عليها غسل الدماغ على طول امتداد الوقت، التي بدورها تتقلّص... نهنّئكم بالفعل على تمسّككم بمبدأكم السياسيّ الفصيح: "فرّق تَسُدْ".

عذراً من القرّاء، لكنّي سأختتم بلعنِ التركيبات الإقليميّة التي جاءت بكم يا رجالات التعصّب للجبب الدينيّة من جهة، وللتيارات السياسيّة الخارجيّة من جهة أخرى إلى برلماننا، الذي ما بقي له من الوطن إلّا الإسم والشهرة فقط. غير أنّ باقي التفاصيل لا تصوّركم إلّا أسياد السرقة العلنيّة، التي لا تطال الجيوب والرغيف والموارد فحسب، إنّما تتجاوزها إلى سرقة حياة مواطنين، فوّضوكم على ديمقراطيّةٍ ظنّوها ستأتي عبر ممارساتكم القانونيّة، التي لم تنجح إلّا بالقفز فوق جميع القوانين.

حريٌّ بنا تسميتكم عصابة علي ماما والثلاثين حرامي، مع استثناء القلّة القليلة، التي، كحالنا، ليس لها صوت، بل أكثر من كاتمٍ للصوت، إذا ما قرّروا إعلاء صوتهم على الجور المُمارس بحقٍّ شيءٍ يشبه الوطن واسمه لبنان.

Saturday, June 2, 2012

إلى الآتي الذي لن يأتي


مساء الخير صباح الخير. من أين يأتي الخير في زمنٍ لا لون فيه غيرُ الغيرْ؟
صباح الخير مساء الخير. من أين يأتي الخير في جسدٍ لا جسد فيه ذاهبٌ إلى الغد، وما من خطىً تسايره على فعل السَّيْرْ؟
طلع الصباح. من أين يُشرق الصباح في عيونٍ واهية، لا تعرف أنّ الرّوح هي الآمرة الناهية في قلبٍ عتمتُه له بالمرصاد عند الناصيةْ؟
مشى النهار. من أين تتدلّى الشمس، وقد أقفلت السماء بابها، وأوصدت مجيئها في وجه الإنتظار، ثمّ ألقت بالمفتاح في النسيان والذاكرةُ نار؟
سار الوقت في الدار. من أين ينسدل الستار على الخوفِ، والخوفُ معشِّشٌ في غرفة الجلوس وفستان الكنيسة وقميص النوم، والحلمُ حلماً خاف بدوره وطار؟
وقف النّهار على الشرفات. من أين يدور الدار، وعقارب ساعاته متوقّفة في طقس الإفتقار، إلى ساعةٍ في المعصم لا تفلح في الإرتفاع من معصمها إلى مسامع الهمسات؟
تربّص الليل. من أين يطلع الصوتُ، والصمتُ جَلوسٌ في حضرةِ الأجساد الحاضرة من سَفَرها في ممرّات بيتٍ، لم يعد يعرف طقوس تجاعيده دون صهيل الطفولة وأوجاع غرف الدّار وحنين الخَيْلْ؟
مساء الخير صباح الخير. يُنهي الليل دورته في عقرب الصباح. أنهى ونهى الصباح عن ارتقاء المساء.
صباح الخير مساء الخير. يُنهي الصباح عقربه في دورة الليل. أنهى ونهى المساء عن ارتقاب الصباح.

Thursday, May 31, 2012

أعدّي الصباح للقهوة


شهرزاد أفيقي من نومك! أفيقي واستفيقي، فما شهريار إلّا ذاتك الخاوية من نبضِ الحياة التي تُعليكِ نًسغاً للجذور، للبدايات ولكلّ النهايات؛ مهما اختلفت تقاطعات متاهاتها...

شهرزاد قومي!
شهرزاد عومي وامشِ على مياه البشر الذي يزيّن الإنسان فيكِ، فشهريارُ ملكٌ صُوَرِيٌّ يقتعد عرشاً لا يرويكِ.. لا، ولا يستهوي النبض الذي يعتريكِ. أنتِ الأبقى، فأعيدي إلى نفسكِ الحياةَ التي من شأنها أن تُحيي اللون واللحنَ الذي يُبقيكِ أرجوحةً للحلم، وأعيدي لروحكِ الصّمت المباح؛ فما الكلام سوى لغةَ المستباح والنواح...

شهرزاد صوني ما ببالكِ من صورٍ تتشكّل عطراً للألوان التي ما خُلقت إلّا لتُزيّن العمر الذي يعتلي جبينكِ العالي؛ أعلى من قمم الجبال حيث النسور تتخّذ لنفسها نفَساً، بيتاً، فضاءً وعشّاً حميميّ الفراخ...

شهرزاد! يا شهرزاد أفيقي ودعي النوم للنوم؛ فللصحوِ مقامٌ آخر يشبه ما فيكِ من علياءَ يوفيكِ حقّ الإنسان، الذي يشغل تفاصيل الجسد، الذي فيكِ ينغّم لحن الوجود المولود من رحمِ  خيالٍ لك وحدكِ يولد وينوجدُ.

شهرزادُ! كفّي عن إحياء ذكرى الطوفان ، فما عاد للدمع من موعدٍ بين ثنايا روزنامة الأنوثة التي ترتسم من خطوِكِ. شهريار؟ ما شهريارُ إلّا تجسّدٌ للخوف الذي يعتريكِ؛ فاخلعي ثوب المُستراح الذي لا يليق بألوهتك العامرةِ عُمراً، سنبلةً، شمساً وأمواجاً لا تأبى تكرار وجهها فوق عطش الرمال، فالعطش أبهى طقوس الحياء والحياة.

شهرزاد! أعدّي عدّة العمر وحضّري الصباح للقهوة، ها العمر يرتشفكِ الآن فاستعيدي أوراق العمر الثبوتيّة التي في بالك، ها الآن آنٌ يتسجّل في دفتر مواعيدكِ، فخطّي في سجلِّك ما يستحقُّ أن يتسجّلَ وتذكّري: أنتِ للحلم المفتاح. 

Tuesday, May 29, 2012

أنصِتْ


الكلام للحياة وما على الرسول إلّا البلاغ:
لا تحلم؛ دع الحياة تحلم فيك.
لا تقل يومي؛ للحياة توقيتٌ آخر.
لا تقل دمي؛ فالحياة مصدر هذا النبض.
لا تقل نبضي؛ فالحياة صلاة هذا العمر الذي يسري في عمرك.
لا تقل عمري؛ فالحياة صهيل هذه الروح التي تصلّي في جسدك.
لا تقل جسدي؛ فالحياة حدود هذه الترانيم التي تُنكّه سُكناك.
لا تقل سُكنايْ؛ فلست سوى إناء هذه الحياة التي تشي إنها مصدر هذا النّفَس.
لا تقل نَفَسي؛ فأنفاسك أمانةٌ في عنقك.
لا تقل عنقي؛ فليس هناك من مقصلة تهدّد وجودك.
لا تقل وجودي؛ فوجودك منبعُ هذا الكون.
لا تقل كَوْني؛ فأنتَ تكوّنت لأن الفرح قال كلمته فتكوّنتْ.

Friday, May 25, 2012

حضورك بكلّ هذه العلياء؛ هو البهاء


ساعدك هذا من قال إنّي أبغاه؟
من قال إنّ منه الشفاءْ
لجرحٍ أوسع من رحب هذا المساءْ؟
ثمّ، هل سمعتني أُطلق للإستغاثة نداءْ؟!!

أريد منك إلى صمتي الإصغاءْ
فهو، أبلغ من دمعةٍ عصيّةٍ على الإنحناءْ.

يدك! ربّما،
أريدها أن تأخذ بيدي،
غير أني، لست بحاجةٍ إلى المواساة؛
بل إلى صمتٍ أبلغُ من صمتي،
يمكنه ابتلاع صوتي في لحظات الغضب،
أو لا حاجة لكَ لكل هذا العناءْ!

أريدك؟
أجل. تماماً.
لمَ الإختباءْ
وراء مُمانعةٍ ليس فيها أيُّ إباءْ!!
غير أنّي يا سيّدي سيّدةٌ،
لا تحب لغة المعهودِ من الهِجاءْ
لا، ولا يرويها التقليديُّ من الإنتماء.
وإذا كانت هذه حالكَ منّي،
فاستأذن ما في بالك،
لأني منك في حالة استغناءْ.
غير أنّي منك، وفيك، وبك، ولكَ؛ في حالةِ احتفاءْ
ويكفيني أنّك حاضرٌ في حضرتي بأبهى شفافيّةٍ وعلاءْ.

Wednesday, May 23, 2012

القرار

هو مفترقْ؛
انهضي ممّا احترقْ.
أستجديكِ الوقوف لنفسك من جديدْ،
ماهمّك ما فاتك من مواسم العيدْ!
فالعمر الآتي كفيلٌ بإعادة رمشك الشريدْ،
إلى سفرٍ وشالٍ ويدٍ، إلى وقعكِ ستعيدْ
النوم والصحو وما بينهما من تواطيء سعيدْ..
لن تلحظي معه ما قيّدكِ زمناً من صدأٍ وحديدْ...

هو مفترقْ؛
انهضي من تلف الغرقْ.
آمرك بالوقوفْ.
سأعيد إلى وجهك سطوع الضحكة الشَّغوفْ،
التي تحتاجينها لترتيب فصولك المبعثرة فوق الرّفوفْ،
المتشظيّة في حنايا أضلعك، وِفق ترتيب الفوضى التي تظنينها عليك عَطوفْ..

هو مفترقْ:
هو قرارٌ قرارٌ؛ أجل قرارْ،
ولستِ له في حالة افتقارْ.
هو قرارٌ لا يمكن منه الفرارْ..
هو قرارْ
قفي!
حدّدي لعمركِ وجهة المسارْ.

Tuesday, May 22, 2012

مكوّنات الأحلام


أشعرتَ يوماً أنّك تودّ لو تنام، لو تغوص في النوم لساعاتٍ مديدة تفوق طاقة جسدك وفكركَ وتركيباتك السيكولوجية على النوم؟ أن تنام ببساطة. أن تغفو في النوم وتنام في الغفوة، على ألّا تصحو إلّا بعد أيامٍ ربما، أو أسابيع أو أشهر أو سنوات أو ربما وعلى الأرجح أبداً...

إنها حاجةٌ للخدر؛ حاجةٌ لا للهروب، إنما لاستقطاع وقتٍ من حياتك يتسنّى لك خلاله إيقاف عقارب الوقت والأوجاع، كي تتمكّن من استيعاب كمّ الأحداث التي تعيشها، والتي تفوق بكثرتها حيواتِ أشخاصٍ كُثُر. إنها حاجة في أن تقرّر أثناء ساعات القلق الطويلة، تلك التي تستلقي خلالها في السرير بينما تتمزّق بين النعاس وبين عدم مقدرة النوم أن يتغلغل إلى وعيكَ، ماذا ستستعرض في شرائط أحلامكَ؛ أي أن تقرّر المواضيع والأحداث والخلطات التي ستنكّه بها وجبات أحلامكَ لهذه الحصّة من النوم. نحن نقرّر أحلامنا مسبقاً، نخطّط نكهاتها وكيفيّة طبخها ومدّة استوائها ومكوّناتها الغذائية؛ تلك التي تكوِّن الحاجات الضروريّة لصحوة اليوم الذي يلي نعاس الليلة السابقة.

إنها الرغبة في الشرود خارج سماء الواقع والتوقّف عن تناول مُلوحة العينين في مزاد الأيام التي لا تنتهي مبايعاتها لأمانيك. الرغبة في التعرّي من كلّ ما يثقل عليك في نهاراتك ويجرّدك من ذاتك بينما تحاول أنت حمايتها بهشاشة جناحيك. إنها محاولة لا لإعادة التوازن عن طريق الأحلام، إنّما لنزع حواسك الخمس عن جلدِك، تلك الحواس التي تحاول الخروج من دائرة الولادة والموت المتكرّرة خلال ساعات النهار، على طول خطّ مسار أيامك.

بمَ سأحلم الليلة؟ حسناً، سأركب على متن رحلةٍ ستقلع بي إلى وجهاتِ أحلامٍ عديدة، صمّمتها بأقمشة عزمي وألوان قدراتي وتموّجات إرادتي وسموات إيماني، إلّا أنّ الوقود الذي يسيّرها له رائحة لقائنا وصوت حنيني إلى وجهك.