Saturday, July 30, 2022

قمح القلوب المحترقة والضمائر المهترئة

 

يحترق القمح متفحِّماً على رغيفٍ لن تمتدّ إليه يد الشهيد، ولن يخبزه ثائر على ظلم حاكم.


يحترق القمح في لهب الصيف محاولةً منه أن يُدفيء قلوب حكّامٍ يمتهنون الإرهاب بحقِّ شعبهم المتلبّس عبايا إلهيةبينما السماء تُسدل ستار غضبها على كامل الوطن.


وحده الرغيف يتّخذ الصدارة في منتصف الطاولة، يجلس مكان إناء الزهور المتناثر كِسَراً من الزجاج المنشطر، ويد الوالدة الحزينة ترسم دائرة وجه وحيدها الجائع إلى الحقيقة، حقيقة موته، وكذبة استمرار الحياة على مائدة العائلةالتي خسرت أبناءها.. 


وحدها الأشباح تَشي بنبض من كانوا يُشرقون أبهى من الضوء، في أرجاء منازل العاصمة التي اغتصبوها عشيةالرابع من آب ٢٠٢٠ عند الساعة السادسة مساءًقبل مغيب الشمس اغتصبوها في وضح النور وعلى أعيُن العالم أجمعومنذ ذاك التاريخ، والعالم بأجمعه صامت، بينما جريمة الرابع من آب هي الجريمة الأشنع في حاضرناالذي غيَّب الياس وسحر ورالف ودجو وشربل وأيمن وكريستال وشوقي وفارس وفوزي وحسان وابراهيم وجاد وليلى ولينا والجميع صامتٌ يتفرّج على جراح العائلات التي لم يسأل على رحيل أفرادها أحدلا أحد!فلبنان فيالحاضر دون رئيس جمهورية ودون رئيس حكومة ودون رئيس مجلس نواب ودون قائد جيشلبنان في الحاضرمَسبيّ تلوكه شياطين بعبدا والضاحية وعين التينةلبنان بين أنياب القتلة والناس قُتلت أحلامهم ومعنوياتهم وباتواأحياء أموات.


وحده الرغيف يبكي اليوم، لقمةً لم يعرف اللبنانيون الحفاظ على نكهتها.