Thursday, May 14, 2020

الشجر المهاجر


في خضمّ النعاس،
يستقيل الليل من عناصره
مهاجراً مع سنونوّات شاردة خارج الفصول،
خارج الأماكن،
ترفرفُ مكتظّةً داخل عجين القلب
طريٌّ هشّ،
لم يعرف سوى هشيم النار المستعرّة،
واحتراق السماء عند سقوط المغيب..

رفقاً أيتها السنونوّات بالخبز المُنتظَر،
باليد التي ستمتدّ لتتناول لقمةً،
بالفم الذي سيلوك الكِسرة مع الغصّة دفعةً واحدة،
كي يتشبّث برفيقه الألم، عصاً تَقيه السقوط..
أورفيوس في أرضي نسي لحن الأغاني
واختلطت به المعاني،
فانهمرت به نقاط الوجه المسروق
في ماء النهر الهارب من منبعه..

السنونوّات تصفّق بجناحيها 
تحاول إيقاظ السماوات المُحتجزة
بين الجهات المتباعدة
مصلوبة في غفلتها عن أزرقها.
كيف للزُّرقة أن تقفل ممرّ سمائها؟
كيف للشجر أن يخون أخضر أوراقه؟
وكيف للشواطىء أن تطوي زبدها بوجه الرمال؟
وكيف كيف يذوي بعينيك النبض يا أبي ليثور غَمراً من البراكين في صدري يا أبي كيف؟
كيف؟

Monday, May 11, 2020

أكلاتنا أطيب! ينقصنا القليل من الوطنيّة


إلى الصناعيين اللبنانيينكيف تريدوننا أن نثق بمنتجاتكم اللبنانية بينما تخجلون من التسويق لها باللغة اللبنانية؟ تدّعون العالميّة وتفتقدون لأهمّ قواعد التسويق، ألا وهي الثقة بالمُنْتَج

وإذا كنتم كمُنْتِج لا تثقون بالمُنْتَج صنع أيديكم بحيث تكتبون عليه صُنع في إيطاليا أو باريس، فكيف ستثق به شرائح المستهلكين؟ما الخطب في عبارة صنع في لبنان؟ وكيف بمفهومكم الوطنيّ يكون ذكر الوطن مُعيباً فيالتسويق والمبيعات؟!؟ 

حان الوقت لتفرض وزارة الصناعة معايير الوطنية والولاء للوطن أولاً وآخراً، من خلال فرض عقوبات موجعة على المصنّعين الذين يخجلون من ذكر اسم لبنان على منتجاتهم -إذا أردنا تجميل عبارة يغشّون- والذين، يسعّرون سلعهم بحسب أسعار تصنيفات الصف الأول بينما منتجاتهم تنتمي إلى الصف الرابع أو الخامس من حيث الجودة، ثم يتذمّرون على الدولة ونظام الحكم في لبنان، بينما العيب في مواطنيّتهم لا في نظام الحكم! 

إبدأوا بالنزاهة ولَبْنِنوا منتجاتكم لغةً ومحتوىً، وفكّروا بأن أبناء عائلاتكم سيستعملون هذه المنتجاتومن خلال هذا الباب تصلون إلى العالمية وليس العكسكوكو شانيل تتصدّر حتى اليوم لائحة المبيعات العالمية لأنها قدّمت رؤيتها عارية من الزيف والكذب، وبهذا وصلت إلى شهرتها العالمية وتصدّرت الطليعة بمستوى مبيعاتهاأنتم تفعلون العكس تماماً والأسوأ من ذلك، هو أنكم تقلّلون من احترام المواطن اللبناني الذي تريدونه أن يشتري منتجاتكم، ومن احترام وطنكم الذي تريدون منه كل شيء ولا تريدون تقديم أي شيء بالمقابل! مثلاً، كيف لإعلان ألبان من البقاع أن تبيع أكثر إذا استندت على ال"savoir faire" لمصنّعي الأجبان الفرنسية؟!؟ ما هذا التناقض الذي تعيشونه؟ لا ينقص أهل البقاع الخبرة المشهود لها لصناعة الألبان والأجبان اللبنانية التي تبيعونها، وليس هناك من انتقاص بحقّكم كمنتجي أجبان لبنانية أن تفتخروا بأنكم ارتكزتم على خبرة أجدادنا في صناعتكم والتي لا يجب تشبيه طعمها ولا خبرتها بمصنّعي الأجبان الفرنسيينفذلك لا يمنحكم علاوةً ولا يمنح منتجكم ثقة أكبر في نظر المستهلك اللبنانيوالأهمّ، بأن ذلك لا يمنح منتجكم المصداقية اللازمة لتصديرها خارج لبنانفسبب شهرة الأجبان الفرنسية هو افتخار مصنّعيها بلغتهم وبطريقة أجدادهم في التصنيعفرصتكم هي الإرتكاز على جودة العراقة اللبنانية محتواً، مضموناً ولغةً بطرق إنتاجٍ وتعليبٍ وتسويق حديثة.

وأخيراً، ليست مسؤولية الحكومة بوضع خطة للنهوض إذا كان الشعب مصنّعين ومستهلكين، لا يملكون الإرادة ولا المسؤولية لذلكما الذي ينقصنا كبلد يمكنه تصنيع كلّ أنواع السلع المعيشية دون استثناء، سوى إرادة أرباب المصانع؟ نستطيع، وبإمكاننا النهوض في مدّة أقصاها سنة إذا تخلّيتم عن كسلكم وجشعكم كتجّار لا تبغون سوى الربح الكبير حتى لو كلّفكم ذلك بيع الوطن ومن فيهينقصنا القليل من الوطنيّة!