Friday, January 27, 2023

أستقيل منك يا قلبي

نستقيل طوعاً من دقات قلوبنا، حين تخذلنا قلوب الآخرين.


نستقيل بقرار واعٍ من وجوهنا حين تخوننا وجوه الآخرين الملوّثة بأقنعة الدجل.


نستقيل بحكمة من كلماتنا، نستبدلها بنقاط على السطور، حين لا نجد في كلام الآخرين ولو حتى سطر واحد لنا في معاجمهم.


نستقيل بتواطؤ مع عبثية القدر، مستسلمين إلى الجفاف الذي يلفّ خيباتنا التي تواصلت حتى باتت مشنقة، بإمكاننا إما الإنتحار في دائرتها، أو الإلتفاف خارجها متنصّلين من أوجاعها.


اليوم أنا أستقيل من توقّعاتي بالخير الذي أبحث عنه ولا أجدهسأكتفي بالخير الذي يلفّ قلبي بصمت الله.


اليوم أنا أستقيل من هدوئي اللزج وأتواطأ مع الريح خارج نافذتي في هذه اللحظات من شتاء كانون الثانيلا أحب هذا الشهر كما لا أحب الإعادةلماذا كانون ثانٍ وليس اسماً آخرولماذا نعيد تكرار منح الأسماء التي لبسها الأموات على من يولدون الآن؟ لماذا الآن تطاردني كل تلك التساؤلات وتنهار فوق رأسي المتعب؟


كانون الأول شهر نبيل، يقول لك بصراحة أنه يُنهي أيامه على عتباتك، متعباً مثلك، يُصادقك بنهاية مليئة بالضجر ربما، لكنك لا تنتظر شيئاً آخر منهكانون الأول لا يكلّفك ثمن الإنتظارالباهظ، بل ترافقه على الباب متبسّماً لكهولته، شاكراً إياه على مرافقتك طوال الرحلة


أما كانون الثاني، فهو ماكر تتوقّع منه الغدر في كل لحظة، ويغدرك بالفعل مرتين وأكثر من خلال التوقعات التي تحمّلها إيّاه، بينما هو طفلٌ مستنسخ لا قدرة له على أحلامنا أو أدنى آمالنا


اليوم أنا أستقيل من أصابعي التي من كثرة ما مددتها للسلام، أثلجت ذراعي الممدودة للآخرينسأغمر نفسي وأضمّها بحرارة ورفق، ثمّ سأشكرها على قدرتها على العناق، فهو أجمل هدية دفىء يمكن للإنسان أن يستشعرها.

ربيعة طوق