Monday, June 11, 2012

طاولة حوار 11 حزيران 2012



"التلاقي والحوار، التلاقي للحوار".!!
قرّروا يا جماعة الخير ماذا تريدون على وجه الخصوص.
سوف أفتتح حواري معكم هذا ببركة الخير التي لم تتركوا لنا منها خميرةً في حضوركم.
جلستم أمام ميكروفونات هي الأحدث تكنولوجيّاً، غير أنّ صمم خطاباتكم الفرديّة قد عرّتنا من كراماتٍ لم تتركوا منها ما يستر عُري رغيف الخبز الذي حشَوتُموه بالمواد الحافظة التي تسبّب العقم وتُتلف الخصوبة، واستكثرتم على هذا الشعب، إدارة مَراقبكم الشريفة لإطعامنا خبزاً طبيعيّاً.

جلستم غصباً على كراسيكم، لكنّكم يا سادة يا كرام، وضعتم مؤخّراتكم على أنفاس الحوار، بعد تناولكم لولائم الوجبات الدسمة، ألحقتموها بفواحش الحلويّات، وغُصْتُم في غازات حواركم العقيم هذا.

مَن تظنّون أنّكم تخدعون هنا يا سفّاكي الدماء، بالطبع، باستثناء قلّةٍ قليلة بينكم من الرجال الشرفاء، الذين لم يستحمّوا يوميّاً بدماء الشهداء، مُسَخّرين فَوَران شبابهم لقضاياكم المعلوكة أكثر من نعالٍ مَشَتْ شوارع لبنان بأكمله، طولاً وعرضاً وعمقاً. هناك فقط قلّة قليلة من بينكم، لم تلوِ أعناقها الدّماء الثقيلة، كتلك المعلّقة قلادة في أعناقكم، والتي لوت أعناق الأمّهات اللواتي تركنَ لكم أمر تدبير مستقبل فلذاتِ أكبادهنّ. هذه القلّة من الرجال، هي بعددها لا تتجاوز أصابع الكفّ الواحدة، غير أنّ ما دفعها للجلوس والتواجد معكم، هو شرفها الذي لم تلوّثه أوساخ حقائبكم الوزاريّة.

جلستم غصباً على طاولات، لا طاولة واحدة، وليست دائريّة. وأوفدتُم بمبعوثيكم مسبقاً، كيما يعدّوا أمكنة جلوسكم بحسب التقسيمات الطائفيّة التي شلّعتم بها راية هذا الوطن؛ فكيف لا تخجلون من تسميته "لقاءً حواريّاً"؟. كيف تطلقون عليه تسمية الحوار الدائريّ، بينما أنتم تجلسون بحسب تراتبيّتكم السوقيّة، عذراً، لا بل اللصوصيّة؟
أنتم أيها السّادة الأقزام، خطأنا نحن الفادح والفاضح، أعليناكُم على أكتافنا في زمن الإنتخابات، فأنجبناكُم زُعراناً يغتصبون الرّاحة في ليالينا، ويَسوسون قراراتنا وبياناتنا الحكوميّة، بحكمةٍ لم نراها حتى في مجتمع الغاب!

"هيئة الحوار الوطني". أجل. كان يجب أن نقرأ العنوان لنعرف المحتوى، فلا نعوِّل بآمال وأحلام على حواركم هذا، المنسوف مُسبقاً من جدّته، لأنّكم يا سادة يا أبعد ما يكون عن الكِرَام؛ قد أتحفتمونا بعُهركم الإنتهازيّ والإرتهانيّ الذي أرْدّيْتُم من خلال بيانه الختاميّ، كلّ أمل فينا، على أنّكم لم تجلسوا معاً وللمرّة الألف، فقط لاقتسام وتقسيم هذا الوطن، بحسب مشاريعكم الشخصيّة وأعداد اتفاقاتكم الدوليّة مع الحكومات الخارجيّة، التي لستم سوى رجالاتها الأقزام على أرض هذا الوطن. كلّ واحدٍ منكم، هو مندوبٌ لدولةٍ خارجيّة، وليس ممثّلاً لهذا الشعب بفئاته "التعتيريّة" التي وصلت، بفضلكم إلى الحضيض.

لم تنتظروا أن تبرد نار الحوار، فرحتم تتراشقون بالتصريحات، كلٌّ في دكانه الإعلاميّ، وبأنّ هذا الحوار يطال فئةً معيّنة!!
عذراً!! هل أخطأ سمعي؟ بالطبع سيكون فئويّاً إذا ما عزلتم أيّها الفئويون أنفسكم واستقصيتم ألسنتكم إلّا عن المهاجمة. أوليس مفهوم الحوار، هو التحاور أوّلاً، ثمّ إبداء الرأي المكوّن بحسب سماع ما لدى الآخر من وجهة نظر، ثم الإدلاء بوجهة نظركم الكريمة، ومن بعدها إرساء هذا التحاور على مبادىء تعود فائدتها على القواعد الشعبية التي تمثّلونها، بعد حدوث هذا الحوار وحلوله؟ إلّا أنّكم يا أسياد المقاطعات العقيمة والتقاطعات الإرتهانيّة، قد قرّرتم مُسبقاً مسار حوارٍ رفضتم المشاركة فيه، لتحوّروه عمداً إلى حائط التفرقة الذي ما نجحتم عبر تواجدكم، إلّا في إعلاء صرحه، وتدعيمه بخطاباتكم الرّنانة التي لم تعد تمثّل إلّا فئات الأشخاص الذين مارستم عليها غسل الدماغ على طول امتداد الوقت، التي بدورها تتقلّص... نهنّئكم بالفعل على تمسّككم بمبدأكم السياسيّ الفصيح: "فرّق تَسُدْ".

عذراً من القرّاء، لكنّي سأختتم بلعنِ التركيبات الإقليميّة التي جاءت بكم يا رجالات التعصّب للجبب الدينيّة من جهة، وللتيارات السياسيّة الخارجيّة من جهة أخرى إلى برلماننا، الذي ما بقي له من الوطن إلّا الإسم والشهرة فقط. غير أنّ باقي التفاصيل لا تصوّركم إلّا أسياد السرقة العلنيّة، التي لا تطال الجيوب والرغيف والموارد فحسب، إنّما تتجاوزها إلى سرقة حياة مواطنين، فوّضوكم على ديمقراطيّةٍ ظنّوها ستأتي عبر ممارساتكم القانونيّة، التي لم تنجح إلّا بالقفز فوق جميع القوانين.

حريٌّ بنا تسميتكم عصابة علي ماما والثلاثين حرامي، مع استثناء القلّة القليلة، التي، كحالنا، ليس لها صوت، بل أكثر من كاتمٍ للصوت، إذا ما قرّروا إعلاء صوتهم على الجور المُمارس بحقٍّ شيءٍ يشبه الوطن واسمه لبنان.