Friday, May 18, 2012

عليك باختيار الحبّ لتدخل رحب الحياة



       أقولها نعم أبديّة
أجل هذه هي القضيّة
إنها نعمة التحيّة
للأرض السخيّة
أرض الأرواح البهيّة
لأحرف العشق البديهيّة
لم أعد أهوى أفيون الهويّة
ولا صراع الأبجديّة
فأنا بابل ودمشق وغرناطة والبندقيّة
وها مجذافي يتحرّك كلّ عشيّة
لصراخٍ لضحكاتٍ لِلَفَتاتٍ بالحياة حَرِيَّة
وسأشهر قلمي في وجهكم بِثِقلِ فوّهة بندقيّة
وحجرٍ وغصن صفصافةٍ منسيّة
مذ كان قيصر يحاكم المجدليّة
ما همّني زيُّكَ برقعٌ قبّعةٌ أم كوفيّة
فإطار الحياة تقلّص مذ بترتَ يا إنسان وتر الحبّ والإنسانيّة
سأبوح بما لم تسجّله جامعة البشريّة
وأعزف لحناً يوقظ في الأرض أرضاً نديّة
من النعناع والزينون والفلفل والحنطة الطريّة
والقطارات وزقزقة الأقداح ونكهات بسمات طازجة شهيّة
تفتح مسارات الحواس لموجات الحبّ وتغتال المنيّة





Thursday, May 17, 2012

لديني لألد نفسي


لديني بعد مرّة
لأتشبّه بنفسي حين ولدتني أوّل مرّة
.. تماماً مثلما تلديني كلّ يوم..
وتمخضّي أمي بطلق الحياة
بعدُ مرّة
يا أمّ الإله؛
يا أمّ الكون يا أمي،
كيما ألد نَفَساً في نفْسي
لربّما خانتني دونك نفْسي
ونسيتُ نفَسَك الذي مدّني بنفَسي،
فأنا من دونك "يُتماً"
لا يعرف لذاته نَ فْ س اً
ولا نَ فَ س اً
.. ، هذه يا أمّ حياتي.

لديني اليوم بعدُ مرّة
لأعي سماء زادك في كيونتي..
لديني
فقط بعدُ مرّة
لأتذكّر أنّي من العدم وُلدتُ
وإليكِ فقط
أَ تَ رَ فَّ عُ
عن ذاتي التي ليست لذاتي لو لم تكوني أنت جذور "ذاتي"
واغفري غفلتي عن ذاتي
فما لي سواكِ
ينشلني من يمّ "الذات"

أنت يا أمّ الحياة
زادي
وهذه؛
هي حياتي..،..



Wednesday, May 16, 2012

تأهّب. واحد اثنان ثلاثة



واحد اثنان ثلاثة؛                                                                        
فلتتأهّب بتلات رجولتك لتزهر في أرض جسدي، ولتقِم الطقوس لأقانيمي الثلاثة.
أربعة خمسة ستة؛                                                                       
فليتوقف غيم الوقت في سرج رمشك وليحيّي الشمس النابتّة في حضرتي مرّات ستّة.
سبعة ثمانية تسعة؛                                                                          
فليبدأ عازف الشيلّو تقاسيم الصلاة، سبَق أن دوّنت له سوناتات نبضي التسعة.

ليبدأ العزف.
ليبدأ العدّ.

الليلة سأقطف القمر وأعصره في الخلّاط الكهربائي، 
مع بضعة مكعّبات من النجوم،
فقد نضج منذ وقت في فضائي الفسيح حيث تطوف حياتي وحالاتي.
وحالاتي أقداح أحلامٍ دائمة الأسفار
لأكوابِ شوقٍ لا تفرغ من الأصفار.

هذا الرقم الذي لم أهدِك إيّاه في مسبحة التعداد، فتأهّب:
لي الصفر والصفر لي.

ها جميع الأرقام ما بين يديكَ الآن.
سأترك الصفر لي لأضعه حسبما شاء طقسُ الحضور والغياب
وحسبما شاءت طقوس البقاء والترحال،
غير أني سأشرب كأسك من الصفر حتى الرقم تسعة،
تماماً مثل كلّ المعادلات الحسابيّة، لربّما،
على مفترقٍ عمرٍ ما، نتلاقى ونتلقّى بعضنا بعضاً.

واحد اثنان ثلاثة؛ فليبدأ تركيب المعادلات
اثنان ثلاثة أربعة؛ أعدادك وأصفاري والمواعدات
خمسة ستة سبعة؛ وثمالة الكمنجات في شفافية الذات

Monday, May 14, 2012

فراشةٌ، ضفيرةْ.. وفتاةٌ صغيرةْ...

ينام الحلم يصحو الحلم
نامي يا صغيرة
ينام الحلم يصحو الحلم
احلمي يا صغيرة

ينام الحلم يصحو الحلم
حلّقي بجناحيّ فراشة في كامل جسدك
نامي في جلدك بين عصافير النّمش
وانهضي حلماً

نامت الصغيرة وبينما كانت في سماء الحلم
أمطرت ناراً
غير أنها نهضت
ثمّ رسمت سماء الحلم
بحلم السماء
نام الحلم ونامت بجانبه
مرّ فوق جبينها يتصبّب عرقاً
سئم منها النوم
غطّاه رماد النار

حضنت نفسها وتركت النوم في حال سبيله
عادت ورسمت حلماً في وضح النهار
صحت غير أنّ مطر النار عاد
نام الحلم ونام النهار
تدثّرت برماد أملٍ احترق

مشت بجناحٍ واحد
حلمت بالنعاس
نجحت في أن تُنهض جسدها ليكبر
كبرت الصغيرة دون نعاس
عادت أمطرت ناراً
نام النعاس
نام النهار
نامت العصافير

أنمت زقزقاتها
سقتها من النار وعداً
كبر الوعد على ناصية الإنتظار
ينام الإنتظار يصحو الإنتظار
صحت الفتاة الكبيرة
لازالت تمطر ناراً

نامي يا صغيرة
لتطول الضفيرة
فتتسلٌقين سماءً أعلى
أعلى من النار
نامي كبيرة
تصحين صغيرة

Sunday, May 13, 2012

هل هذه فعلاً صورة الهويّة الثقافيّة العربيّة التي سوّقت لها قناة "العربية"؟


لفت نظري الإعلان التسويقي لمحطة "العربية" الذي يصوّر بيتاً ينتمي إلى الطبقة الميسورة مادياً، حيث نرى يد ساعي البريد التي تُلقي بالصحيفة اليومية داخل سور هذا المنزل العالي، ثم نرى الشاب صاحب المنزل يخرج بينما يخطو بين هذه اللفائف والرّزم المكدّسة منذ عشرات الأيام. وبينما يخطو الشاب ليخرج من منزله، نرى الجرّافة تجرف تلك الصحائف المهملة وكأنها تلّة من النفايات بهدف التخلّص منها. ويكمل الشاب طريقه، حيث يصعد إلى سيارته، يدير محرّكها لينطلق بأقصى سرعة، وبينما هو يقود على الطريق، يصادف وجود رجل جالس على العشب يقرأ في صحيفته في هناء الطبيعة والعشب الإخضر النضر، إلى أن يمرّ بجانبه الشاب الذي، لتسرّعه، لا يخفّف سرعة السيارة مارّاً فوق بقعة كبيرة للمياه المتجمّعة، وعلى الأرجح آسنة، فيتطاير جرّاء عجلات السيارة المسرعة الماء المتسخ، منهمراً فوق القاريء السعيد، وتنتقل بنا الكاميرا مباشرةً بعد هذا المشهد، إلى مضيفيّ البرنامج الصباحيّ اليوميّ، الذي تسّوق له قناة "العربية" من خلال هذا الإعلان.

أعلم جيداً أن الرسالة التي أرادت قناة العربية بثّها من خلال هذا الإعلان، والمكانة الرمزية للشاب الذي يدوس بجهل خطواته على الصحف، والذي أراد الإعلان من عرضه، إعلام الشباب العربي الذي يريد أن يكون على بيّنة ممّا يجري من أحداث في العالم، أنّ بإمكانه من خلال قناة "العربية" أن يكون على اتصال وتواصل مع العالم أجمع، دون أن يضطّر إلى اقتطاع وقت خاصّ لهذا الأمر على حساب عمله ووظيفته. والسيارة الرياضيّة السوداء السريعة التي أراد الإعلان من خلال رمزيّة سرعتها القول؛ بأن قناة "العربية" هي السبّاقة في إيصال أخبار الوطن العربي للمواطن العربي والعالم أجمع، وهي الوسيلة الأقرب والأسرع إلى المشاهد، بحيث تختصر له المسافة الزمنية التي يحتاجها لقراءة محتوى الصحف اليوميّة.

إن ما عكسه فعلاً هذا الإعلان، هو واقع الإنحطاط والقحط الذي يمرّ به الوطن العربي ويفتك بأبنائه، حيث بدل أن يكون الموروث الثقافي التقليدي (أي الصحف) اليومية - والتي شكّلت الهويّة العربية التي عكست طويلاً وجه الثقافة العربيّة الخلّاقة - مدخلاً لثقافة تتطوّر مع تطوّر الوسائل الإعلامية والإعلانية. وبدل أن تكون التكنولوجيا التي تستخدمها محطات التلفزة والقنوات العربية لنشر الثقافة العربية، محطّةً للإبداع الإنساني من خلال الوسائل الثورويّة التي جاءت بها العولمة والتطوّر التكنولوجي في نشره، قد أفرجت بدلاً من ذلك، عن صورة أبشع من تُشاهد، وأفظع من أن تخبر عن واقعنا العربيّ الذي يتبنّى ما يلفظه الإعلان الغربيّ في مكبّات نفاياته التي هي "نحن"، والتي هي وليدة تجاربهم الخاصة التي لا تشبه بالضرورة تجربتنا نحن كقوميّة عربية.

الطريقة التي تجلّى بها الإعلان، كشف عن واقعٍ لا يمكن السكوت عنه، ولا التغاضي عن وبائه الذي يُمرضنا ويضعنا في مجاهل الإنسان الجاهل ويُظهرنا بأبشع صورة للتخلّف والغياب الذهني والثقافيّ واللغويّ والفلسفيّ والإنتمائيّ والوجوديّ.

هل هذه هي الصورة التي أرادت "العربية" أن تظهر بها؟ وهل السرعة والسهولة في إيصال الخبر إلى المشاهد تستدعي أن تشوّه "العربية" مقام الصحيفة المكتوبة التي كانت ولا تزال مقاماً مقدّساً لحبّ الإطّلاع الذي يميّز المثقّف العربيّ؟

لقد شاهدت هذا الإعلان مرّتين، وفي المرّتين شعرت بالإشمئزاز من واقعٍ يسوّق صورة الجهل، بل ويكرّس الإنسان العربيّ على أنه جاهلٌ بامتياز. فشكراً لكلّ من ساهم في كتابة وإعداد وتصميم وإنتاج وبثّ هذا الإعلان المنحطّ الذي يكرّس المواطن العربيّ قزماً جاهلاً أمام ثقافة الإنسان وأمام رقيّه.

مثل هذا الشاب أصبحنا اليوم، ندوس على الكتب والمجلّات والصحف، لنفتح محطّات التلفزة ونتلقّى، بينما فكرنا يغوص في النوم، ما تعرضه علينا، دون أن يتبادر إلى ذهننا عمّا نرتشفه من نتاج تلك المحطّات التي تُطلق على نفسها تسميات عربيّة، بينما هي لا تعرف شيئاً عن أمّ الثقافات (العربيّة) ولا عن غد الهويّة الثقافية العربية التي تتلاشى وتضمحلّ وتذوب أمام ركب العولمة الغربية التي نحفظها عن ظهر قلب، ونتبنّاها، بل ونسوّق لها، بينما نحن لا نعرف شيئاً عن التجربة التي خاضها الغرب، ولا عن إنتاجاته الجبّارة في عالم التكنولوجيا المنتشرة في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومقاهينا.

نحن هذه الجرّافة التي تغرف من الغرب من دون فكر انتقائّي لما يبنينا، ونحن مثل هذا الشاب على منعطف الطريق، ندوس بعجلاتنا على المثقّفين والمفكّرين والمبدعين الذين يشتغلون بالفكر والكتب والمنشورات والدراسات؛ نمرّ فوق أخضر العشب حيث يجلس قاريء الصحيفة في الإعلان وندوسه مع رجالاته عبر الأخذ عن الغربييّن وتقليدهم ببغائياً، متناسين هوّيتنا الثقافيّة التي، إذا ما طوّرناها لتواكب العصر، ستُعلينا حتماً لنتناغم مع الغرب في الفكر والعطاء والتقدّم، بدل أن نكون مستهلكين بامتياز لما ينتجه هذا الغرب، ونأخذه لنعرّبه على طريقتنا.

أعلم جيّداً بأنّ النيّة حسنة لدى قناة "العربية"، إنما الواقع العربيّ الآسن بات يصرخ بوجهنا ويدعونا لإعادة التفكير في هويّتنا الثقافيّة في ظلّ إعصار العولمة الذي لم نستعمل كفّه الأبيض الرائع الذي يقدّم للإنسان كافّة الوسائل ليحلّق بثقافة عَيْشه، بثقافة الحياة، ليُعلي الإنسان إلى أعلى مقامات الجمالات والإبداع، إنما أخذنا فقط منتجاته كي نتباهى بيننا بمن يحمل الهاتف الأحدث ومن يقتني البلازما الأجدد و و و و و و و .

إعلان "صباح العربيّة" جاء غاشماً بحقّ الهويّة الثقافيّة العربيّة، عسى من رحم هذا الغياب يشرق بالفعل "صباح العرب".