Thursday, December 13, 2018

لعنةٌ دون عنوان


وحدها الجراحاتُ تَوهَّجَتْ
في ذراعك الممدودِ
سكيناً في هدأةِ قلبي...
كان الموت داخلي
أرحم من صقيع كلامك
الذي جرَّدَني من زَهْوي...

لماذا توقظ كوابيساً
كسرتْ كلَّ ما بي من فرح
وفَتَحَتِ الباب على شياطين الخوف!!!
ظنَنْتُك المحطة والقطار، الوجهةَ والمسارْ؛
لم أعرف بأنّك ستَرْكُنُ وقتاً قليلاً
لِنَبْشِ أمتعتي وبعثرةِ أوجاعي المركونة
في حقائبَ أحملها بعزَّة نفسي؛ 
بالرغم من أنها تقطع لي أنفاسي...
ما ذنبُ الفراشة في الريح العاتية؟؟؟
ما ذنبُ الجناحان الرقيقان في براثن مفارقات الحياة 
وعواصف وحوشها البشريّين؟؟

أنا أُطلق ليلي على نافذة غربتي كلَّ صباح،
محاولةً تدثير روحي الكسيرة!!
حولي صدىً وعزلةً،
وفستاناً ينتظر مقاس أميرته التي تتخَلَّفُ دوماً
عن مواعيد الفرح المسروق من عمرها...
كيف أكسرها لعنةُ المعاني المُغتَصَبَةْ
في زنابق جسدي وغاردينيا روحي؟!؟

وكيف أستعيدُهُ لون روحي الذي لم أتلمَّسه
قبل أن تبعثر أوراقي وتُحَفّي قدميَّ هذه الحياة؟
كيف؟ وكيف أُعيدُ ما ضاع؟؟؟
وكيف لي أن أعرف أنَّ حياتي على موعدٍ دائمٍ مع البؤس...
ما عاد لي موعد حتى مع الوهم...

وحده الوَهَنُ يَسكُنُني ويَسْكُبُني لعنةً لحياةٍ
لا تتشبَّهُ لعمرِ الفرح الذي هجرني...
ليَ الشرودُ ورقصُ الفراغ في فراغاتي...
والشفاءُ قَصِيٌّ كحكايا الأساطير القديمة
وغرفةُ قلبي تضيق بي،
ككأسِ نبيذٍ فات موعد قطافه
فتَخَمَّرَ شوقاً معصوراً بالأحزان،
لا طعمَ يسبِغُه سوى السُّكْر
الذي لا يرتدُّ عن عوده سوى العصافير
المهاجرة في غربة وحشتها...
نسيتُ عنوان البريد في أغنيتي،
فقد سُرِقَ مِنّي صوتي منذ زمنٍ طويل...
وحولي أرضٌ تخنقني بِبُعدها،
ولا أرض لي ولا وطن ولا بيت...
ها أنا مسودَّةُ امرأةٍ
لم أبْغِ أن أكتُبَها
ولا أن أقرأَها...
وها أنا أخُطُّني وَأَمحوني.

Saturday, October 6, 2018

اشتياق

يتصاعد وجهك في بالي همسات،
متسلّلاً بين سيل اللحظات،
كرائحة البنّ الطازج يجتاحني كالكمنجات،
يغتالني بعزف حنينٍ لا أجد له الكلمات،
يسرق منّي كلّ الترتيبات..

رغم جدار المسافات،
لا زال وجهك بالذات،
يغريني بالضحك كمثل صغار الفتيات،
يمدّني بالركض على سلالم النوتات
كطفلةٍ تتمرجح فوق سلالم النغمات،
فتزقزق في جلدي أسراب السنونوات،
مرفرفةً على أجنحة النهدات،
عميقاً في حنايا الخفقات،
تُمعن في حبّ الفراشات،
وأعِدُها لِيَدي بيدك، باللمسات،
تتفتّح في اشتياقي الذي ظننته مات..
لكنّ عشب الذكريات،
مخلصٌ لأخضر الوريقات،
ها أكتب: إنّ وجهك "ماء الحياة".

Thursday, August 23, 2018

طوبى لكم يا قادة بلادي طوباكم !


طوبى لكم يا قادة بلادي طوباكم!

طوبى للمكتبات العامة التي أنشأتموها في قُرانا ومدننا، فكان لها الفضل بعصر التنوير الذي يمرّ به لبنان!

طوبى لقُدس أقداسكم الذي يضحّي بحياته فلا يتزحزح أحدٌ منكم عن منصب أو كرسيّ أو ماسح كرسيّ، في برلمان الملائكة اللبنانيّ!

طوبى لأنوار حضوركم التي لأجلها وبها نُنير مصابيح بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا وكنائسنا وجوامعنا، وفداكم! فداكم كلّ ساعات الإنارة، ما همّنا إن كان مصدرها شركة كهرباء لبنان أو شركات الموّلدات الخاصة؟ فجميعها تصبّ في جيوبكم ونحن لها ولتسديد فواتيرها فداء!

طوبى لعطر وجودكم الذي يَرْشح قداسةً ويتجسّد في علياء الجبال التي استحدثتموها في برج حمود، وصيدا، وطرابلس! طوباكم لقد زدتم على مساحة هذا الوطن من ١٠٤٥٢كلم، إلى ما شاء لكم خنوعنا وذلّنا من زَوْدٍ نحن على ثقة بأنه في سرعته القصوى للإزدهار وتكبير مساحة هذا الوطن وتوسيعه طوباكم!

طوبى للحكومات التي تتوالى ونحن في نعيمٍ نجوب طريقاً واحداً أوحد، يجمع أقصى الشمال بأقصى الجنوب، حيث نجتمع جميعنا متّحدين من كافة الفئات والطوائف والمذاهب والإنتماءات، أبناءً نهائيين لهذا الوطن مرّتين في النهار، صباحاً ومساءً. نتسامر ونحتفل خلال زحام السير غير الخانق، نعبر بأجسادنا وآمالنا وأولادنا منذ زمن الأجداد وحتى زمن الأحفاد على نفس الطريق! لا لأنه لا بديل أو موازٍ له، فنحن الشعب المؤازر لبعضنا البعض، خصوصاً وأننا لا نحبِّذ تفريق هذه الوحدة في القطارات والأنفاق السفليّة وكافّة وسائل النقل المرفّهة التي بذلتم حتى من أموالكم الخاصة لإعمارها طوباكم!

طوبى لكم يا قادة بلادي طوباكم!



Sunday, May 27, 2018

خطوطٌ من نور


لا لستُ وحدي
معي بعضٌ من ذاتي
والكثير الكثييييير من الوحدة...

ومعي حقائب حُبلى بذهول توقٍ على وشك الحياةْ،
وسُبحةً من سنين الإنتظار، ممهورة بوشم الصلواتْ...
ومعي كلّ قطارات العالم والملايين من الوجهاتْ،
التي تأتيني بسماويّ المَدادْ..
ها بوابة النورْ!
وها خَطوي عُبورْ
على حدِّ الوجه والوجه ضياءٌ مخمورْ 
يحصدني سنابل تتمايل بالحبورْ
وَيُعْليني بوجه الأرق بيدر رحمةٍ بليغ السطورْ. 

Wednesday, May 9, 2018

ماذا نقول؟


وتُثْقِل الحياة علينا الحمولةْ
فنشتاقُ إلى كلام الطفولةْ
حين كان يأتينا التعبير بسهولةْ!
ونُسْكِتُ دقات القلب المحمولةْ
على أكفّ لواعجنا بالصبر مجبولةْ،
بالدموع الأبيّة كالماس مصقولةْ..
ونَسكتُ وفِي سكوتنا سقوطُ بطولةْ!

بمن نلوذ حين نشعر بالخطرْ؟
من بَشَرٍ ما عادوا بَشَرْ!
لمن نعلن الخبرْ؟
حين نصلّي كي نصبحَ حجرْ 
وفاءً لما في أرواحنا قدِ انكسرْ!؟

وبمن نقوم بالإتصال؟
حين ينتابنا الجنون،
رغبةً بحضنٍ حنونْ!
وعن ذواتنا نرغب بالإنفصالْ
أوحين ينتابنا الفضولْ
و تذبل بين أصابعنا الفصول!؟
لمن نزفُّ الخبرْ؟
حين نفقد في دمائنا الشجرْ
والعمر بِنَا يزول.... 
لمن لمن نقول؟
عن كل تلك الحقول
التي تساكن أحلامنا أو ما بقي فيها من شُتولْ.

أَوَنبوح لمن في قلوبنا وبهم نَتَعطّرْ،
كيف نبني أعمدة سماواتنا ونَتَحضَّرْ،
نغرز أصابعنا بشرايين وحدتنا ونَفْخَرْ؛
بتحويلها أوتاراً بها نعزف أكثر وأكثرْ..

Thursday, April 26, 2018

فلتُقطَع يد بائع الأزهار


هذه النافذة في دمي
تطلِّ بي في كلّ يومٍ على نبضٍ جديد..
هذه النافذة في دمي
تدور بي ويدور العالم معي..
ومعي رمشٌ تائهٌ شريد،
شاخصٌ على حافّة النافذة
يحدق في عزلته،
يَعدّ أصابع البرد
ويُعِدّ الكفّ التي تبغي العودة...
إعزف بعدُ أيها الجدار الفارغ
ها هامتي تستعدّ لدخولك
فارتفع بعد كمثل الصنوبر
واجدل ضفائر الصفصاف في عروقي،
تمتثل لأوامر الرحيل.

هل تريدين الرحيل؟

-لم يسألني أحدٌ في هذا الترحال عن رغبتي؟
يا رغبتي: أنريد الرحيل أم البقاء!؟
جُلَّ ما أعرفه أني أريد قصائدي،
قصائدي تساندني في غربتي..
لا أزال متجذّرة بها تُمسك بيدي
وتحدّق في عينيّ، وحدها لا تهاب الطريق
في شمس عينيّ،
تعانقني عند الوصول،
تعاتبني أحياناً لكنها وحدها لا تخاف البقاء معي......
ومعي لا يستقيم الشوق ولا يستقيل،
في كفّ الوجه أبداً يستطيل
ويسأل؛ هل من أحدٍ هناك؟
مُشيراً ناحية الألم،
شفتاه تتحركان لكنه لا يستطيع أن يشرح
لمن لا يريد أن يفهم
كيف يتكسّر الضوء ثم يتكىء على ظلّه..
هل تستطيعين الوقوف؟

-ليس هناك ألم. أستطيع.
أشدّها نفسي بحبال الخيبة المتراصة،
وأقف. شفتاي ذهب
ورجليّ زمرّدٌ مُضيء.
مَن سيغنّي هذا المساء؟
والأهداب يا أمي ماء.
مَن سيَطرب ويحمل الإناء
لِأَكْبُرَ في السنّ هذا المساء،
ولكي أُكَبِّرَ أسماء الله والإباء،
فالدرب مؤاتٍ
والخطوط إلى الغياب كلها مرصودة
مثل القنابل الموقوتة
شأنها الترحال والموت متاح
دوماً متاح.

-اتركوا أسماءكم عند النافذة.
أجل هذه النافذة!
ولا تغفلوا عن البلّور اللماع،
يخلع حنينه على حافّة الأنفاس.
سأنتظركم كي تستريحوا،
فلا بدّ من هناء،
ينساب على عود الصّلب.
-والأخشاب؟
-كثيرةٌ كالديدان التي تنتظرها.
وحدها الديدان تحنُّ.
وحدها الديدان تُعدّ عدّة اللقاء.

لا تفقدي صوابك يا صغيرة،
فهناك قاضٍ يلقبونه بسيّد الوقت،
لا بدّ أنه عند الجدار،
لكنه لا يحبّ الجدال.
تدثّري بعشب الجدار
واقرأي له حبر الأقحوان
واستمرّي في المسير،
فأنت لم تحبّي يوماً أزهار المزهرية المقطوعة،
كنتِ تشبهينها بالرؤوس المقطوعة بالمقصلة،
تموت حين نضعها في ركن الدار،
مكانها الحقول بين باقي الأزهار.
فلتُقطع يد بائع الأزهار!

ذنبُ الزهرة أنها وقفت عند الجدار
فقال العشب بأنها تبادلت معه الأدوار،
كي تحميه طول الوقوف وحتميّة الإنهيار.
وقال الشوك بأنها هي مَن بادرت بالحوار،
كي تُنسيه بأنه ليس سوى جدار.
أما الجدار، فلم يسأله أحدٌ أي شيء!
كان سيقول بأنه هو مَن أتى إلى جوارها،
كي يبني بها صدر الدار.
كان سيقول بأنه صَلَّى كثيراً كي تبادر بحوارها،
فيَقوى على صانع الأقدار،
ويتحوّل إلى زهرة النار.
لذا، صلبوها في إناء
وسلبوه عطرها فَحارْ...
طويلاً فكّر قبل أن يفتح هذه النافذة بالذات،
فهي تطلّ على ما فيه قد مات