Monday, May 7, 2012

كلّ يوم أحبّك أكثر


التحيّة هذا الصباح لكِ يا أمي الشمس.
التحيّة اليوم لكِ يا رفيقي الشمس.
التحية هذا المساء  لكَ يا حلم الشمس.

لإطلالتك عند الفجر صوتٌ يشبه صوت خطى طفلٍ حافي القدمين، صحا من نومه وأتى برفقٍ إلى سرير والديه. خطىً لا تخمش النوم من عينيّ الوالدين، إنّما ترسل إليهما، مع اقتراب وقع الخطوات، خطوةً بعد الخطوة، دعوةٌ للصحوة، دعوة للحياة، للضحكات، لهنيهات تضاهي الأمنيات فرحاً.

لا تتعبين، لا تملّين، تأتين كلّ يوم لتوقظي الليل من غفلته، وتصحّي النوم من عيونه، برفق، شيئاً فشيئاً، تعلنين بدءَ يومٍ جديد، وإمكانيّة أغنية ونظرة ولمسة وقبلة وطريق له كلّ المفترقات وجميع الإمكانيّات الممكنة والمستحيلة معاً، لأنك مثلي تماماً، لا تصدّقين المستحيل ولا تؤمنين بنظرات عينيه الكاذبة.

تعربشين على حائط السماء برفق حتى لا توقظي ملائكة القمر النائمة وتُحيكي في مسيرتك ألوان الزهور والأشجار والمحيطات والصحارى وألوان العيون الحالمة، كمثل عيوني التي تعشق كلّ تموّجات الألوان وتحوّلاتها وطقوسها اليوميّة.

عند الظهيرة تقفين على سطح السماوات، تقرعين أجراس القلب، تفتحين ذراعيك عالياً، وتصرخين بكلّ الدفء الذي تنبض به عروق البشريّة جمعاء، لتقولي: أنا هنا، مثلي تماماً حين أجوب شرايين الدفء في جسدي الذي يصرخ عند الظهيرة: أنا هنا لأجلِك، فانعمي بحرارة وجودك الذي لا يشبه أحداً سوى شذا أنفاسك العاشقة.

عند الخامسة مساءً، تلوّحين بأصابعك الخمس، تسكبين في أحشاء الزيتون عطوراً خمس، وفي شعر الصفصاف أوتاراً خمس، تروح تعزف على أنغام رقصة الأغصان المتمايلة قصائد الوجود، مثلي تماماً حين يجتاحني الحنين لصوته، فأروح أراقص القلب على وقعِ وعدٍ يتطاول على قرع دقّاته ليسبق الوقت، فيلقاه بابتسامةٍ تشبه ألوان عينيه التي تشي بوجوده، رابضاً على ناصية الإنتظار، كيما يستقبلني، ملامساً برقّةٍ خدّي بأنامله الخمس كيما يتيقَّن حقيقةً بأنّنني فعلاً هنا، وبأنّ الشمس قد حقّقت حلمه العتيق بلقائي تحت نورها المقدّس الذي يُظهر تقاسيم وجهي على مرآه.

عند الغروب، تطبعين على جبهات الأطفال وعداً بسلال مليئة فضةً وذهباً وأعراس سيتسلّمونها عند الصباح، على ورقة الروزنامة التالية وتتأنّين باختراع الألوان لتزّيّني بها صفحات البحار والشواطيء، تبثّين موجات الطاقة على شطآن الفكر الذي يسبح أبداً في الغد الآتي، مثلي تماماً حين أترقّب أسراب قبلاته العائدة من هجرتها اليوميّة، مالئاً روح الأنوثة بأغاني شموسِ رجولته التي تتبع دورة الشمس الصباحيّة والمسائية، مؤدّيةً لبريق عينيّ التحيّة.

السلام دائماً لكِ يا شمس الحريّة، تشرقين من بين ضلوعي لتنيري الصوتَ بصمتٍ يعرف في الغروب الطريق إلى العليّة، حيث تكرّ مسابح الروح التقيّة، شاكرةً الوجود على هذا الحضور الذي لا يتغيّر، لا يتعب، لا يستسلم ولا يترك نبضاً دون اسم أو هويّة.

شكراً يا أمي الشمس. أعلم أنّك ستلديني غداً وأعلم أكثر بأنّي سألد بدوري شمساً أخرى لها عيناك ومبسم ثغرك ولحن أنفاسك.



No comments: