بينما ظنّ قادة العالم السياسيين، والقيمين على منظمة الصحة العالمية بأن حرب الإنسان مع الفيروس المستجدّ هي مسألة وقت ريثما تجد المختبرات الطبية، بمعرفتها المحدودة، لقاحاً شافياً للمارد المجهريّ الذي فاجأ أكبرالشركات الدوائية بخروجه عن توقعاتهم التي أثبتت عدم مسؤوليتها أمام جائحة بهذه الخطورة، يخرج الفيروس من قمقم سيّده ويعلن سيادته المطلقة على الأرض والإنسان، مطلقاً أنواعاً جديدة لن يكون لدينا متّسع من الحياة لتعدادها ودراستها والخلاص منها.
فلنعترف بأن أصحاب القرارات هم سياسيون لا يفقهون شيئاً من العلم، ولا يعرفون بأن فيروس كوفيد-١٩ سيطوّر نفسه ويتغيّر إلى ما لا نهاية. الوقاية بالطريقة التي نتّبعها منذ عام، نجحت فقط في جعله يطوّر طفرات مختلفة في مختلف البلدان ولدى مختلف الشعوب، بطرق مغايرة يستحيل مع سرعة تطوّرها التوصل إلى فحوصات للكشف عنه، وبالتالي يستحيل معه التوصل إلى لقاح. الحجر سوف يجعل هذه الطفرات تتكاثر وتتغاير إلى ما لا نهاية والحؤول دون تطوير لقاح مضادّ. كيف نطوّر لقاحاً لكائن مجهري يسبقنا ويسبق معارفنا التي حسبناها ستفيدنا في محاربته؟.
قريباً جداً ستعي الحكومات بأن اللقاح المنتظر سيكافح الشكل الأول من الفيروس والذي لم يعد موجوداً، فقد تطوّر وتبدّل وأصبح أكثر فتكاً وقوةً، ولا يمكن بالتالي مجاراة سرعة تطوره وتحوّله لأنه يفوق قدرتنا على مكافحته معرفياً وعلمياً. هذا ونحن لا نملك بروتوكولاً طبياً عالمياً لمعالجة أعراضه، فكيف بالحري ونحن لا نملك ما يحمينا منه!.
ما سأقوله يبدو جنونياً، لكن الحلّ الأقرب للمنطق هو نزع هذه "الحفاظات" الكمّامات عن وجوهنا، ولنواجه بما سلّحتنا به الطبيعة من إمكانيات دفاع طبيعية في أجسادنا، وهي إمكانيات عجائبية كاملة في تكوينها من حيث قدرتها على التغلب على أيِّ دخيلٍ يفتك بأجسادنا. على ألا ننسى أن منطق الحياة نفسه منذ البدء، قائم على أن البقاء للأقوى، وأن الديمومة للذين يستطيعون التكيّف. إذاً لا جديد في منطق السلامة، سيّما وأن ما كنّا نخاف منه قد حصل: أي إنّ كافة البلدان قد دعت للحجر والعزل، كي لا يتمّ استنزاف الطواقم الطبية والرعاية الإستشفائية للذين تستدعي إصابتهم بالفيروس التدخل الطبي، ريثما نستحصل على لقاحٍ مضاد. لكن بما أن المستشفيات حول العالم تغصّ بالمصابين فوق قدرة استيعابها، وبما أن اللقاحات كافة لا يمكنها الحؤول دون الإصابة بالفيروس بكافة تطوّراته الجينيّة الجديدة، أي أنواعه التي لن نتمكّن من معرفتها ولا من حصرها وبالتالي يستحيل إيجاد لقاح لفيروس يتطوّر دون توقّف.
دعوا رجال العلم الشرفاء يقودون العالم إلى برّ الأمان، ولندع للطبيعة أن تقوم بالإنتقاء، سيّما وأننا كبشر، قد أثبتنا وبكل وسائلنا المتاحة ومعارفنا، قتل بعضنا البعض وتشويه الطبيعة والإنسان وكلّ ما هوّ حيّ وجميل وطاهر. لقد شوّهنا وجه الله، فلندع له أمر إصلاح ما يمكن إصلاحه، سيما وأن هذا الفيروس هو أحدالأسلحة التي ابتكرها الإنسان لمحاربة أخيه الإنسان، غير أن السحر انقلب على الساحر، وبات وضعنا محرجاً لا مخرج لنا منه سوى بالإنصياع إلى أصابع الوحش الذي صنّعناه في المختبرات الطبية، بهدف القتل لا بهدف الحياة، مخالفين بالتالي شرع الأرض والسماء.
ربيعة طوق
No comments:
Post a Comment