مَن رسم مشهد الساعة السادسة السوداء؟
من أطلق عدّاد الموت والسّحُب الهوجاء؟
أولادنا أحبّتنا على رصيف العاصمة أشلاء!
أجسادهم تمزّقت تطايرت في أعلى السماء!
فوق السّحاب بَكَتْ ثمّ أمطرت علينا الدماء!
أفواهنا صارت ينابيع حطامٍ ورذاذ الأحشاء!
أطفالنا، أحبّتنا سقطوا في بيوتهم كالغرباء!!
ينفجرون بوجهنا في الصباح كلّ يوم بالبكاء!
بيروت راية الحكمة باتت مدينة الشهداء،
والعدل فيها مفقودٌ لا أمل فيه ولا رجاء!
جريمة العصر والإعلام أخرسُ آذانه صَمّاء!
مؤامرة بموافقة مجلس الأمّة وكلّ الأُمناء!
مئات الضحايا قُتلوا بوحشية وهم أبرياء؛
شبابٌ شيبٌ أمهاتٌ أطفالٌ صبايا وآباء،
وَكَثُرَ تجّار النعوش وازدهرت تجارة السُّفَهاء!
وَساد صمت العارفين ليعلو صوت الجُبَناء،
مرفأ الشرق الجميل كان بوّابة العالم الغَنّاء،
صار ضريحاً لأهراءات سنابل الدماء والبكاء!
أمواتنا أحياء يصرخون من قبورهم بالدعاء!
عظامهم عيونهم عقولهم تنادي لَبّوا النداء.
قمحٌ نابتٌ من بقاياهم يطلب كَشْفَ الأسماء،
وَفَضُحُ ملابسات الجِناية وكلّ مَن بِهِمْ أساء،
حتى لو كلّف التحقيق قَطع رؤوس الرؤساء،
والأجدرُ أن تُسمّى بيروت عاصمة البؤساء،
فوجوههم وعلاماتهم الفارقة صارت لنا رداء،
تَلْبَسُنا جلداً وتَتَلَبَّسُ محاجرنا صبحاً ومساء،
أصواتهم تَسكُننا ترفض من ذاكرتنا الإمّحاء!
هجَرَتنا الحياة بعدهم مات في قلوبنا الغناء،
الرابع من آب، نام أحبّتنا على رصيف الميناء،
سيبقى الصحن نظيفاً على طاولة العشاء،
فالشهداء مشغولون بالبحث عن الأجزاء،
يُلملمون أصابعهم ليكتبوا لنا من العَلياء،
أنشودةَ وطنٍ مرهونٍ بغياب الحقيقة للفناء.
كيف لنا نحن مَن بَقينا بعدهم أموات أحياء،
أن نساكن خزاناتهم وغرفهم في هذه الأرجاء،
والدور من دونهم تدور بنا تُزَمْجِرُ تَعوي خَلاء!
هُم في موتهم عِطاشٌ جياعٌ يشعرون الإعياء؛
لم نجد مسؤولاً واحداً تقدّم نعوشهم بانحناء،
وموتهم فاجعة عالمية تستدعي أقدس عَزاء.
ربيعة طوق
No comments:
Post a Comment